لقد عرف الغزاة بالتجربة المتكررة أن اختلاط الجنسين في مختلف مجالات الحياة من أسباب انهيار المجتمعات , وانحرافها عن فضائل السلوك , ومتى انهارت المجتمعات فقدت أثقال قوتها الحقيقية , التي تمكنها من الصمود أمام جيوش الغزاة , والارتقاء إلى قمم المجد , ومنافسة كل سابق في علم أو حضارة أو مدنية أو قوة.
ولو دخل المسلمون في هذا السباق بقواهم الإسلامية الحقيقية لاستطاعوا أن يختصروا الزمن , ويجتازوا في عقود من السنين ما تخلفوا عن السير فيه خلال قرون , ولو راجعوا صفحات تاريخهم لرأوا أن من أسباب تخلفهم انغماسهم في الشهوات , وسعيهم وراء اللذات , وإخلادهم إلى الأرض.
ويظن الطائشون الغافلون أن الانطلاق من القيود الدينية , والتحرر من الشرائع الربانية والفضائل الخلقية , سبيل من سبل التقدم الذي أحرز فيه كلٌّ من الشرق والغرب السبق في العلوم المدنية , وفي الصناعات , مع أن الحقيقة بخلاف ذلك , إن العقلاء المنصفين في كل من الشرق والغرب , يتخوفون من المصير المدمر الذي تسير في طريقه أجيالهم الحديثة , بتحللها من ضوابط الأخلاق الشخصية والاجتماعية , واستهانتها بالفضائل الإنسانية , ويعتبرون الإباحية التي أخذت تشيع في مجتمعاتهم نذير الانهيار الخطير , والدمار الشامل.
وسرى داء الاختلاط العام بين الرجال والنساء في مجتمعات الأسر , وفي الحفلات العامة والخاصة , وفي نوادي التسلية والفن والثقافة والرياضة , وفي المسابح العامة , ورافق الفن والرياضة والسباحة العري الكامل أو شبهه , وسرى داء التهتك إلى مختلف المجامع , وتسابق النساء في اتخاذ وسائل الإغراء , وأخذت تنهار مقاومات الأفراد والجماعات , وأمست جاهليات كثيرة متطرفة أموراً واقعة مألوفة غير مستنكرة.
وانطلق الغزو المدمر للقيم الإسلامية , التي كان بها كيان المسلمين الذاتي , وكان بها مجدهم التليد.
وحينما يراقب الباحث الاجتماعي هذه المجتمعات المختلطة , التي ليس