اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان الجزء : 1 صفحة : 409
.. تقوم طريقة أهل التعطيل على نفي صفات الرب الجليل، خشية الوقوع في بلية التمثيل، فالممثلة بالغو في الإثبات، وشبهوا الخالق بالمخلوقات، ورتبوا على ذلك ما اختلقوه من صفات، أطلقوها على رب السموات والأرض، كما تقدم حكاية أقوالهم الرديات، وهذه الفرقة نفت الصفات، عن رب الكائنات، وعطلت مدلول النصوص الشرعيات، فالفرقتان متقابلتان، وفي استحواذ الشيطان عليهما متساويتان، لأنهما في بلية الإفراط والتفريط واقعتان، الأولى أفرطت، والثانية فرطت، وللشيطان في كل أمر نزعتان، لا يبالي في أيهما وقع الإنسان، نزعة للزيادة ونزعة للنقصان، فالإفراط زيادة، والتفريط نقصان، ووقع في النزعة الأولى الممثلة، وفي الثانية المعطلة، وهما بلا شك من أتباع الشيطان، وقد صان الرحيم الرحمن، أهل السنة الكرام، عن تلك الأرجاس والأوهام، فاستقاموا على صراط النبي – صلى الله عليه وسلم –، واتبعوا النور الذي أنزل معه ولم يسلكوا ما خالفه، فهم للسنة متابعون، وللبدعة مجانبون، وهم وسط في الفرق الضالة المخرفة كما أن أهل الإسلام وسط في أهل الملل المشركة المنحرفة، جعلنا الله الكريم من أهل السنة وأرانا نور وجهه الكريم في دار الجنة، إنه واسع الفضل والمنة [1] . [1] انظر العقيدة الواسطية: (106) ، وهي ضمن مجموع الفتاوى: (4/141) ، وفيها: أن أهل السنة والجماعة وسط في فرق الأمة، كما أن هذه الأمة وسط في الأمم، ثم قرر ذلك ودلل عليه فارجع إليه، وفي تلبيس إبليس: (9) عن الإمام الأوزاعي – رحمه الله تعالى – قال: رأيت رب العزة في المنام فقال لي: يا عبد الرحمن، أنت الذي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فقلت: بفضلك يا رب، وقلت: يا رب أمتني على الإسلام، فقال: وعلى السنة، وقد وصف صاحب الرشد الرشيد الخليفة هارون الرشيد – عليه رحمة الرب المجيد – الفرق الإسلامية بكلام نفيس سديد، فقال: طلبت أربعة فوجدتها في أربعة، طلبت الكفر فوجدته في الجهمية، وطلبت الكلام والشغب فوجدته في المعتزلة وطلبت الكذب فوجدته عند الرافضة، وطلبت الحق فوجدته مع أصحاب الحديث، وقال: المروءة في أصحاب الحديث، والكلام في المعتزلة، والكذب في الروافض، انظر شرف أصحاب الحديث: (55-78) جعلنا الله من أهل الحديث، وصرف عنا لهو الحديث.
اسم الکتاب : خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان المؤلف : عبد الرحيم الطحان الجزء : 1 صفحة : 409