responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 38
الباب الذي تضمنه الحديث، مثل باب الوضوء، باب الصلاة: وهكذا جاء التكرار الذي وصل إلى نحو ثلاثة آلاف حديث[1].
ولقد قام مسلم بن الحجاج بجهد مماثل لذلك الذي قام به البخاري، فإن مسلمًا تتلمذ على الإمام ابن حنبل وانتفع منه تمامًا كما فعل البخاري. هذا وقد التقى العالمان الجليلان في نيسابور حين زيارة البخاري لها، وكان مسلم يناضل عن البخاري ويقف إلى جانبه ويحامي عنه عندما تعرض هذا الأخير لمحنة إبان إقامته في نيسابور، وأما الرحلات في سبيل جمع الحديث فقد زار مسلم بغداد أكثر من مرة وطوف في العراق، والشام ومصر والحجاز، وجمع ثلاثمائة ألف حديث سجل منها اثني عشر ألفًا فقط في مجهود استمر خمس عشرة سنة.
لقد اهتم المسلمون بتدوين الحديث اهتمامًا شديدًا، نكاد لا نقرأ سيرة لمحدث إلا ونجدها مقرونة برحلات عديدة حين يأخذ الثقات من الرواة بعضهم عن بعض، وإذا تأكد لأحد العلماء في بلد ما أن عالمًا في بلد آخر ناء يحفظ حديثًا صحيحًا سارع فشد الرحال إليه، مهما طالت المسافة، وبعدت الشقة لكي يسمعه منه.
هذا الاهتمام بالحديث الشريف لم يقف عند حد الرحلة والرواية وحسب، بل إنه تعدى ذلك إلى وضع معايير ورتب للمحدثين والأحاديث، فهذا راوية ثقة وذاك غير ثقة والآخر مدلس والرابع وضاع وهكذا، ولقد كان لرجال الحديث مقدرة فائقة بمعرفة أقدار الرجال ومدى صدق روايتهم بحيث جعلوا منهم طبقات يفضل بعضها بعضًا.
كان للرواية قوانين وأصول علمية صحيحة بدأت في أول العهد بها سهلة ولكنها كانت في واقع الأمر من الدقة والمنطق بمكان.
كان هناك أولًا التثبت من الرواية عند أخذها وعند أدائها، وهذا خبر الجدة التي ذهبت إلى أبي بكر تطلب ميراثًا من حفيد لها كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد حكم لها به -وقد مر الخبر قبل قليل- فيطلب منها أبو بكر شاهدًا على ذلك، فيتقدم للشهادة بصحة الخبر المغيرة بن شعبة، ولكن أبا بكر يريد أن يثبت مع عدم شكه في المغيرة ويطلب شاهدًا آخر، فيتقدم محمد بن سلمة للشهادة بتأييد الخبر وتأكيده.
وكان الإمام علي بن أبي طالب شديد التحري في الأخذ بالأحاديث التي لم يكن سمعها من الرسول صلى الله عليه وسلم، بحيث إنه كان يستحلف من يحدثه بالحديث[2].

[1] المقدمة "ص387" ط بيروت.
[2] تذكرة الحفاظ "1/ 10".
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست