responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 298
هذا وكان أبو علي نفسه على علمه الوفير، وأدبه الزاخر شاعرًا رقيقًا، له شعر رقيق يؤثر عنه ومداعبات عذبة جرت بينه وبين كبار علماء زمانه الأندلسيين الذين كانوا يحيطونه بالرعاية والاحترام. ومع كل الإجلال الذي لقيه القالي في الأندلس، وكل أسباب النعمة التي عاش فيها، ورغم السنوات الثلاثين التي عاشها هناك، فإنه لما حضرته الوفاة أحس بالغربة وأوصى أن يكتب على قبره هذان البيتان:
صلوا لحد قبري بالطريق وودعوا ... فليس لمن وارى التراب حبيب
ولا تدفنوني بالعراء فربما ... بكى إن رأى قبر الغريب غريبُ
والأمالي يضم الكثير من الأخبار الأدبية ومختارات الأشعار، ومن الطريف أن كل ما حوى من أخبار وأشعار كان من آداب المشارقة، على الرغم من أن الكتاب أملي في الأندلس، ولكنه أراد أن يعلم الأندلسيين آداب المشارقة التي كانوا يهتمون بها كل الاهتمام.
والكتاب أمالٍ حقيقية كان يمليها أبو علي القالي على تلاميذه يوم الخميس من كل أسبوع بقرطبة، وفي المسجد الجامع بالزهراء الضاحية الفخمة لقرطبة التي بناها عبد الرحمن الناصر، إن القالي يذكر ذلك صراحة في مقدمة الأمالي حين يقول: " ... فأمليت هذا الكتاب من حفظي في الأخمسة في قرطبة وفي المسجد الجامع بالزهراء المباركة".
ويقدم المؤلف منهج كتابه، وأهم ما احتفل به من موضوعات فيقول مستطردًا "وأودعته فنونًا من الأخبار وضروبًا من الأشعار، وأنواعًا من الأمثال، وغرائب من اللغات، على أني لم أذكر فيه بابًا من اللغة إلا أشبعته، ولا ضربًا من الشعر إلا اخترته، ولا فنًّا من الخير إلا انتخلته، ولا نوعًا من المعاني والمثل إلا استجدته، ثم لم أخله من غريب القرآن وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، على أنني أوردت فيه من الإبدال ما لم يورده أحد، وفسرت فيه من الاتباع ما لم يفسره بشر"[1].
والحقيقة أن الكتاب يقف من القارئ موقف المعلم، فما يكاد يرد فيه نص شعرًا أو نثرًا إلا وقد أتبعه المؤلف بشرح مستفيض، ونلاحظ أن أبا علي كان يعمد عمدًا إلى الإتيان بالنصوص الصعبة من شعر ونثر لكي يقوم على شرحها مفرداتها، وأما استغلق فهمه من معانيها وهو في ذلك ينهج نهج كل من المبرد في الكامل وثعلب في المجالس، وليس في ذلك كبير

[1] أمالي القالي "1/ 3".
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست