responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 155
وقد أهدى ابن قتيبة كتابه إلى الوزير أبي الحسن عبد الله بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل، وكان ذلك سببًا في تقديم ابن قتيبة إلى المتوكل والاستعانة به في بعض الأعمال.
والواقع أن هدف ابن قتيبة من كتابه -على نحو ما بينا قبل قليل- هدف رفيع، فقد استهدف تعليم الجهال ممن يدعون العلم، وكشف المتطاولين على القيم الدينية، وهم أجهل الناس بمكانتها.
وعلى عادة ابن قتيبة يقدم في أكثر كتبه منهجه وهدفه، فلنقرأ له بعضًا ما وضح به هدفه هذا الرفيع1:
"..... فإني رأيت أكثر أهل زماننا هذا عن سبيل الأدب ناكبين، ومن اسمه متطيرين، ولأهله كارهين[2]: أما الناشئ منهم فراغب عن التعليم، والشادي تارك للازدياد، والمتأدب في عنفوان الشباب ناسٍ أو متناسٍ[3]، ليدخل في جملة المجدودين، ويخرج عن جملة المحدودين[4] فالعلماء مغمورون وبكرة الجهل مقموعون[5] حين خوى نجم الخير، وكسدت سوق البر[6] وبارت بضائع أهله، وصار العلم عارًا على صاحبه، والفضل نقصًا، وأموال الملوك وقفًا على شهوات النفوس، والجاه الذي هو زكاة الشرف يباع الخلق7 وآضت المروءات في زخارف النجد وتشييد البنيان[8]، ولذات النفوس في اصطفاق المزاهر

1 أدب الكاتب "ص1" وما بعدها.
2 "ناكبين" عادلين عنه، جمع ناكب، وهو العادل عن الشيء، وقيل للذي يعدل عن الشيء ناكب؛ لأنه يوليه منكبه، و "متطيرين" متشائمين لنفور طباعهم عنه، والطائر والتطير، الشؤم، وقوله "ولأهله كارهين" وقع في نسخة الجواليقي: "ولأهله هاجرين" والهاجر: القاطع.
[3] الناشئ الحدث الشاب حين نشأ، أي: ابتدأ في الارتفاع عن حد الصبا إلى الإدراك والشادي: الذي قد شدا من العلم شيئًا، أي أخذ منه طرفًا وتعلمه، وعنفوان الشباب ريعانه وميعته، أي: أوله.
4 "المجدودين" -بالجيم- المحظوظين، من الجد -بفتح الجيم- وهو هنا الحظ والبخت، والمحدودين -بالحاء المهملة- المحرومين، وأصل الحد المنع ومنه قول النابغة:
إلا سليمان إذ قال الإله له: ... قم في البرية فاحددها عن الفند
وكأنهم لما منعوا الرزق والبسطة فيه قيل لهم: محدودون.
[5] مغمورون: خاملون لا نباهة لذكرهم، وأصل الغمر التغطية، وكرة الجهل دولته، وفي نسخة "وبكثرة الجهل- إلخ" "مقموعون" مقهورون مغلوبون، وأصل القمع الضرب بالمقمعة.
6 "خوى نجم الخير" أصل معنى "خوى النجم" خلا من المطر، أي: أخلف مطره الذي كان يرجى منه، ثم استعمل خوى النجم بمعنى سقط وأقل، ثم استعمل في معنى قلة الخير وسقوط الدولة و "كسدت سوق البر" أي: فسدت وبارت ولم ترج سلعها.
7- الخلق: بفتحتين -البالي، سمى خلقًا لملاسته، ومن ذلك قولهم للصخرة الملساء خلقاء.
8 "آضت": صارت ورجعت، والزخارف: جمع زخرف، وأصله الذهب ثم قيل للحسن والزينة، والنجد، ما نضد من متاع البيت، وجمعه نجود، وتشييد البنيان: رفعه وإطالته.
اسم الکتاب : مناهج التأليف عند العلماء العرب المؤلف : الشكعة، مصطفى    الجزء : 1  صفحة : 155
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست