الورق من الصين إلى الدولة العربية الإسلامية عن طريق عمليات الفتوحات الإسلامية ولا سيما عند وصولهم إلى مدينة سمرقند التي يقول عنها الثعالبي عند وصفه لها: " من خصائص سمرقند الكواغيد التي عطلت قراطيس مصر والجلود التي كانوا يكتبون فيها لأنها أحسن وأنعم وأرفق ولا يكون إلا بها وبالصين" [231] ، ومن سمرقند نقل العرب صناعة الورق إليهم وأنشأوا في بغداد مصنعا للورق في زمن العباسيين [232] .
ولهذا كانت ندرة مواد الكتابة من العوامل التي عاقت كتابة السيرة ونشرها بين الناس، فما أن أنتشر الورق ورخص ثمنه إلا وأقبل العلماء على تصنيف الكتب بمختلف اتجاهاتها وبضمنها السيرة، وترجمة تراث الأمم المجاورة والقديمة إلى لغتهم [233] .
3. غياب المنهج وأساليب العرض وسبك العبارات وتنسيق الجمل في مجموع متكامل من قبل المسلمين، وهذا العامل راجع إلى أنهم لم يألفوا تصنيف الكتب المبوبة على وفق موضوع معين [234] ، وكان هذا السبب عاملا ليس في تأخر كتابة سيرة شاملة للرسول صلى الله عليه وآله وسلّم فقط بل في تأخر كتابة العلوم والمعارف الأخرى من قبل المسلمين آنذاك، إذ نلاحظ أن نشأة التدوين التأريخي وبضمنه كتابة السيرة النبوية قد مر بمراحل ثلاث إلى أن وصل إلى صيغته المألوفة وهذه المراحل هي: - [231] عبد الملك بن محمد، لطائف المعارف، تحقيق: إبراهيم الابياري، حسن كامل، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، 1960، ص 218. [232] عن تطور صناعة الورق وأثرها في الحركة الفكرية الإسلامية، ينظر، مزبان، سهيلة حسن، الحركة الفكرية في العراق (132- 254 هـ) ، اطروحة دكتوراه غير منشورة، كلية الاداب، جامعة بغداد، 1992، ص 17- 25. [233] ريسلر، جاك، الحضارة العربية، ترجمة: محمد عزيز نويهض، الدار المصرية للكتاب، 1961، ص 174. [234] مصطفى، التأريخ العربي والمؤرخون، 1/ 377، 401.