منعوا الرسول الكريم من كفار قريش من الأمويين وغيرهم، وكانوا يعدون الأمويين ممن تأخر إسلامهم وأنهم من المؤلفة قلوبهم، وكان الأمويون لا يغضون عن جراحاتهم ولا ينسون مناهضة الأنصار لهم ولشيعتهم، وكان ذلك مصدر خصام بينهم في صدر الإسلام.
السبب السادس: أنهم كانوا يعلمون بأن ليس لهم نصيب من المغازي والسير لأنهم صدوا عن سبيل الله وناصبوا الرسول (ص) العداء وصبوا عليه وعلى من آمن برسالته أصناف العذاب وقتل من قتل منهم وهم يدافعون عن أوثانهم وسلطانهم في أول الدعوة، ولم يدخلوا الإسلام إلا بعد فتح مكة فكفوا الناس عن رواية المغازي والسير لكتمانها وإخفائها وأنهم كانوا يعتقدون أن في إطلاع الناس عليها نشرا لمساوئ الأمويين وازدراء بهم وتجريحا لهم وفيه إظهار لمحاسن الأنصار وثناء عليهم [226] .
جعل هذا السبب جهود الصحابة والتابعين ومن أتى بعدهم من الذين عاصروا الدولة الأموية، بتدوين ورواية أحداث السيرة مقتصرة على رغبات شخصية بحتة عدا المدة التي تولى فيها عمر بن عبد العزيز الخلافة (99- 101 هـ) إذ تبنى فيها عملية كتابة وتدوين الحديث ونشره ورواية السيرة ومناقب الصحابة على جمهور المسلمين [227] . [226] عطوان، الرواية التأريخية في بلاد الشام، ص 67. [227] ينظر، ابن عبد البر، جامع بيان العلم وفضله، ص 98، ابن حجر، تهذيب التهذيب، 5/ 54- 55.