هذه المصنفات التاريخية تنوّعا ملحوظا في كتابة السيرة، لا من حيث أساليب العرض فحسب، بل من حيث تنوع المناهج التي كتبت بها هذه المصنفات لاختلاف الأوقات التي ظهرت فيها.
ثامنا: إن لعظمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في نفوس المسلمين أثرا ملحوظا في كتابة مصنفات تتناول جوانب من سيرته تتميز بالاستقلالية والفرز عن باقي الجوانب الأخرى التي تضمنتها السيرة النبوية، إذ ظهرت لأجل ذلك مصنفات تخصصت بعرض شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وأخلاقه وصفاته وعلاقاته مع زوجاته وأهل بيته والمسلمين، كان الهدف منها تعريف المسلمين بطريقة عيشه، فضلا عن ذكر حوادث متفرقة من السيرة في مصنفات مستقلة مثل حادثة المولد، أو المغازي وغيرها، إذ كان للعصر الذي صنف فيه كل مصنف من هذه المصنفات التي كتبت من اجل هذه الغاية أثر واضح في كتابته وتداوله بين الناس.
تاسعا: أدت الأفكار الإلحادية المنكرة للنبوات إلى ظهور مصنفات أخذت على عاتقها مهمة جمع العلامات والدلائل التي ظهرت من الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم والتي أكدت نبوته، فضلا عن ظهور نمط آخر من المصنفات التي صدرت عن المصنفات السابقة عليها والتي جمعت العلامات والدلائل. وقد تمثل هذا التصنيف بكتابة مصنفات تقوم على إثبات هذه العلامات والدلائل عقليا ونقليا، وإعطائها طابع أساليب المتكلمين ليسهم هذان الاتجاهان في ظهور مصنفات كانت من نتاجات كتب الحديث والكلام.