نقد له في فن الحديث ولا ذوق، والله يثيبه على حسن مقصده وينفع به شفائه وقد فعل، وهذا فيه من التأويلات البعيدة ألوان، نبينا صلوات الله عليه وسلامه غنيا بمدحة التتريل عن الأحادي الواهيات، فلماذا يا قوم نشبع بالموضوعات فيتطرق إلينا مقال ذوي الغل والحسد" [83] .
هذه هي التبعات التي أفرزتها الطروحات الجديدة التي أضفاها القاضي عياض على نظرة المسلمين إلى شخص الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم في كتابه هذا.
نال هذا الكتاب مكانة بارزة عند العلماء حتى بلغت الشروحات والتعليقات والتخريجات لأحاديثه بحسب إحصائية أحد الباحثين ما يقارب الثلاثين شرحا وتعليقا وتخريجا [84] ، فضلا عن ذلك فقد اهتم علماء آخرون بالحصول على إجازة برواية الكتاب حتى بلغ عدد العلماء الذين حصلوا على إجازة بروايته كثرة كاثرة للحد الذي لم يستطع أحد إحصاءهم، الأمر الذي دفع بالمقري إلى القول: " إن عددا لا يحصى من الأعلام رواه عنه" [85] . وقد استمرت جهود العلماء حتى مدة متأخرة في الحصول على إجازة روايته، وقد بيّن شهاب الدين أحمد الخفاجي (ت 1069 هـ) ذلك بقوله: " وأعلم أن سندي في هذا الكتاب من طرق عالية أعلاها روايتي عن خاتمة المحدثين الشيخ إبراهيم العلقمي ... " [86] . [83] سير أعلام النبلاء، 15/ 39. [84] ينظر، فهد، بدري محمد، كتاب الشفا للقاضي عياض دراسة وتحليل، مجلة المناهل، عدد 19، ص 235- 534. [85] أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض، 5/ 41. [86] نسيم الرياض في شرح شفا القاضي عياض، المطبعة الازهرية المصرية، ط 1، 1325 هـ، 1/ 3.