القول: " ويبدو لي إن عياض كان متحررا إلى حد بعيد من الأعراف الأديبة، [وذلك] لأنه هاهنا لا يكتب ليكتب ... ولكنه يكتب ليقول شيئا، وما يقوله ليس لأنه ما يقال عادة، ولكنه لكونه يأمن به وهذا هو سر الصدق الذي يشعر به القارئ بأسلوب القاضي عياض الوظيفي عموما ولأسلوبه في الشفا خصوصا، وهذا هو السر في التقدير الذي لقيه هذا الكتاب على الرغم من وجود العديد من الكتب في موضوعه" [76] .
2. الخروج عن المألوف بطريقة عرضه لمحتويات كتابه، إذ كان مسلكه فيه ينحصر على وضع الفروض ثم يقعد القواعد عليها وبعد ذلك يردفها بالأدلة المانعة أو الموجبة لها، وهذا ما أوضحته مقدمة كتابه التي استعرض فيها المباحث التي سيتطرق إليها في هذا الكتاب [77] إذ كانت مصنفات السيرة تعرض الأحداث على وفق إطارها الزمني او الموضوعي، أما القاضي عياض وجدناه يسلك مسلكا مغايرا لما سلكته الكتب التي سبقته في هذا الجانب. ويبدو ان هذا الامر هو الذي دفع بحاجي خليفة الى أن يصف هذا الكتاب بالقول: " وهو كتاب عظيم النفع كثير الفائدة لم يؤلف مثله في الإسلام شكر الله سعي مؤلفه وقابله برحمته وكرمه" [78] . [76] المصدر نفسه، ص 147. [77] ينظر، الشفا بتعريف حقوق المصطفى، 1/ 31- 40. [78] كشف الظنون، 2/ 1053.