بسيطة على ثبت تاليفه في المواضع المختلفة لرأينا مدى التشابه الكبير في عناوين تلك الكتب وأسمائها في الموضوع المعين الواحد" [184] .
خص ابن الجوزي من بين مصنفاته مصنفا مستقلا استعرض فيه سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم بشمولية وتفصيل أسماه (الوفا لأحوال المصطفى) بعدما وجد الحاجة ملحة في عصره إلى وجود هكذا مصنف، إذ بين هذا الأمر في مقدمة كتابه هذا التي أفتتحها بالقول: " وأني رأيت خلقا من أئمتنا لا يحيطون علما بحقيقة فضيلته فأحببت أن أجمع كتابا أشير فيه إلى مرتبته وأشرح حاله من بدايته إلى نهايته وأدرج في ذلك الأدلة على صحة رسالته، وتقدمه على جميع الأنبياء في رتبته، فإذا انتهى الأمر إلى مدفنه في تربته ذكرت فضل الصلاة عليه وعرض أعمال أمته وكيفية بعثته، وموقع شفاعته وأخبرت بقربه من الخالق يوم القيامة ومنزلته" [185] .
نرى من هذا الاستعراض وجود حافزين ألحا على ابن الجوزي في كتابة مصنفه هذا، الحافز الأول، حافز أخلاقي تمثل بالتبرك بكتابة السيرة النبوية، أما الحافز الثاني فهو حافز علمي تمثل بتصنيف كتاب يعالج فيه أحوال المصطفى وسمو مرتبته وحقيقة فضيلته بعدما جهل بعض الناس هذا الأمر في عصره.
ولأجل ذلك كانت المحاور التي حواها مصنف ابن الجوزي هذا من الإسهامات الجادة في تطور كتابة السيرة لأنه استعرض فيها أمورا عدة لم توجد [184] إبراهيم، ناجية عبد الله، قراءة في مؤلفات ابن الجوزي، المكتبة العالمية، بغداد، ط 1، 1989، ص 14. [185] الوفا بأحوال المصطفى، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، دار اكتب الحديثة، القاهرة، ط 1، 1966، 1/ 1.