اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 78
الأحقية في الخلافة وقد شهد العصر الأموي عودة الصراع القبلي، والنعرات القبلية، لأن الأمويين كانوا يستندون في حكمهم على مجموعة قبائل معينة، وكانت بعض القبائل تتعصّب للهاشميين وكانت قبائل أخرى تهوى هوى الخوارج، لذلك اشتدت المفاخرات بين القبائل وشعرائها، وأكبر هذه المفاخرات ما كان يجري بين العدنايين والقحطانيين، الفرعين الرئيسيين للقبائل العربية، فكان العدنانيون يفخرون بأن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منهم، وكان القحطانيون يفاخرون بنصرته.
وهكذا كان الشعراء في عهد بني أمية يتفاخرون بانتسابهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مهما ابتعد هذا النسب، مثلما فعل عثمان بن عتبة بن أبي سفيان، أمه بنت الزبير بن العوّام، في قوله:
أبونا أبو سفيان أكرم به أبا ... وجدّي الزّبير ما أعفّ وأكرما
حواري رسول الله يضرب دونه ... رؤوس الأعادي حاسرا وملأمّا «1»
وكذلك فعل عثمان بن واقد الذي ينتسب إلى الخليفة الفاروق- رضي الله عنه- عند ما قال مفتخرا:
جدّي وصاحبه فازا بفضلهما ... على البريّة لا جارا ولا ظلما
هما ضجيعا رسول الله نافلة ... دون البريّة مجد عانق الكرما «2»
فكل رجل وكل قبيلة عادوا إلى البحث عما يفخرون به، في زمن زاد فيه التفاخر بالأمجاد والأنساب، ولو كانت هذه الأمجاد جاهلية، فتباهوا بأيام قبائلهم وبغزواتها وسلبها ونهبها، فكيف لا يتباهى من ينتسب إلى صحابي، أو إلى قبيلة ناصرت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وكان لها معه أثر؟
(1) المرزباني: معجم الشعراء ص 90.
(2) المصدر نفسه: ص 93.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 78