اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 491
أخرى مثل قصة عاد الأوسط في إخبار عبيد بن شرية الجرهمي [1] ، الذي أورد شعرا ليعرب وشعرا لعاد وشعرا لثمود وطسم، وهذه الأخبار تضم شعرا وقصصا في منتهى الغرابة، تتحدث عن العرب في الأزمان الغابرة. ومن أمثلة الشعر الذي تورده، شعر لواحد من عاد، يتحدث فيه عن قحط ألمّ بقومه، ويقول فيه:
ألا نزلت بنا حجج ثلاث ... على عاد فما تحتال عاد
فدمعهم يبلّ التّرب منها ... وما يدرون ما بهم يراد
وقد علمت بنو عاد بن عوص ... بأنّ مشورتي لهم رشاد
بأن يتخيّروا وفدا يسيروا ... إلى البيت العتيق لهم سداد
فيستسقوا المليك البرّ غيثا ... به تحيا البريّة والعباد «2»
وأورد عبيد قصة عاد الأسطورية التي يتناوب في سردها النثر والشعر، وهذا الشعر يحاك على لسان أبطال الحوادث حينا، وعلى لسان الرواية حينا آخر، ولو جمع الشعر إلى بعضه بعضا، لأدّى نوعا من الملحمة.
وهذه الأخبار قريبة من السيرة الشعبية التي عرفت في أدبنا العربي، وخاصة سيرة سيف بن ذي يزن، إلّا أن شعرها فصيح، وروايتها فصيحة، فهي حديث عبيد لمعاوية.
ولكن لا يوجد في هذه الأشعار وهذه الروايات بطل واحد سوى راويها، ومن ذكرتهم من أبطالها كعاد وتبع ولقمان، يقتربون من أبطال الملاحم. [1] عبيد بن شرية الجرهمي: راوية من المعمرين، من الحكماء والخطباء، استحضره معاوية من صنعاء إلى دمشق وأمر بتدوين أخباره، فجاءت في كتابين هما (الملوك وأخبار الماضين) و (التيجان وملوك حمير) توفي نحو (67 هـ) . الحموي: ياقوت: معجم الأدباء 5/ 10.
(2) أخبار عبيد ص 332.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 491