اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 489
إن في شعر المدح النبوي عناصر كثيرة تلتقي مع عناصر الملحمة، وإن كان في الملحمة (يمتزج الواقع بالأسطورة، وتختلط الملائكة بالجن، والآلهة بالبشر، والعقائد بالخرافات، والواقع بالخوارق) [1] .
وعند ما نظمت الشعوب الآخرى ملاحمها، لم تكن تفرق بين الجن والآلهة، ولم تكن تفصلهم عن البشر، ولم تكن تعتقد أن هذا واقع وهذا خارق للواقع، وأن هذه عقيدة صحيحة، وهذه خرافة، بل كل ما أتت به في الملاحم كانت تعتقد به اعتقادا جازما، ولذلك إذا انطلقنا من وجهة نظر الأمم حين نظمت ملاحمها، فإننا نلتقي معها- من حيث المبدأ- في بعض صور المدح النبوي.
والمتمعن في شعر المدح النبوي يجد بعض شعرائه قد ذهبوا في حديثهم عن الغيبيات كل مذهب، حتى ليحار المسلم أمام ما يوردونه من روايات غيبية، ومن عقائد غريبة، استمدوها من الأديان الآخرى والفلسفات الأجنبية.
وفي الملاحم المعروفة يكون «استخدام غير المعقول في الملحمة في الأحداث العرضية، أما الموضوع الأساسي، فلا يسمح فيه» [2] .
وقيل عن الطور الذي تنشأ فيه الملاحم: «كثير من الأمم في هذا الطور كان يعتقد أن الملك يستمد سلطانه من الله، لا من الأمة.. ويصبح هذا الحاكم المتصل بالآلهة والأبطال الماضين رمزا تنسج حوله أقاصيص التقديس والتبجيل.. ومن هنا ينشأ شعر القصص أو شعر الملاحم» [3] .
يكاد الباحثون يجمعون على أن الأدب العربي خال من هذا الفن، فذهبوا إلى أن «ممّا يؤسف له أننا لا نستطيع هنا أن نتحدث عن الملحمة في الشعر العربي، لأن المحقق- [1] غريب، جورج: الشعر الملحمي ص 6. [2] أرسطو: فن الشعر ص 67. [3] أحمد أمين: قصة الأدب 1/ 15.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 489