اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 467
وإلى جانب ذلك حاول شعراء المدح النبوي توجيه الناس إلى الأخلاق الحسنة بالحكم والمواعظ التي نثروها في ثنايا مدائحهم النبوية، مثل قول الشهاب محمود في مقدمة نبوية له:
ليس موت الفتى إذا صح منه ال ... قصد دون الذي يحاول عارا
ليس شيء يكفي فإن تقنع النّف ... س تجد قلّ ما ترى إكثارا «1»
لقد أراد شعراء المدح النبوي أن يعلّموا أبناء عصرهم الأخلاق الحميدة، فعرضوا أخلاق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحميدة وأخلاق صحابته الكرام في قصائدهم، ليعرفها الناس ويستذكروها ويتخلقوا بها، وانتقدوا بعض أخلاق عصرهم السيئة، ليتركها أصحابها، وأظهروا فوائد الخلق الجميل، ليتحول إليه الناس، ولا شك أن انشغال الناس الكبير بالمدائح النبوية، جعلهم يتأثرون بهذا الجانب منها، ويتخلّقون بالأخلاق التي أوردها شعراء المدح النبوي وحبّبوها ودعوا إليها بوعي أو دون وعي.
كذلك عرض شعراء المدح النبوي عقائدهم، حتى تنتشر بين الناس، وأوضحوا مذاهبهم ليتعلمها الناس ويأخذوا بها، وكل واحد منهم يريد لمذهبه الانتشار والانتصار.
فالصرصري الحنبلي، يؤكد في مدائحه النبوية تمسكه بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ورفضه للآراء المخالفة، وخاصة تلك التي تجتهد في الذات الإلهية، فيقول:
على أنّني إن شاء ربّي آخذ ... بسنّتك الحسنى ولست مبدّلا
ولست بسبّاب ولا بمشبّه ... ولا ربّ تأويل ولست معطّلا «2»
إنّ الشاعر يتبرأ من السبّابين الذين يسبون بعض الصحابة، ومن الذين يتأوّلون
(1) الشهاب محمود: أهنى المنائح ص 96.
(2) ديوان الصرصري، ورقة 122.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 467