اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 457
العربية، وليذكرهم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم منهم، وأنهم حملة الإسلام، وأحق الناس بسيادة دولته، ولهذا يقول لسان الدين بن الخطيب في مدحة نبوية، مادحا العرب:
جيران بيت الله والعرب الألى ... أضحوا على قنن النّجوم قعودا
تخذوا السّيوف تمائما لوليدهم ... والحرب ظئرا والسّروج مهودا «1»
فلماذا يسود الأعاجم العرب؟ ولماذا يفخرون عليهم، وهم جيران بيت الله وأهل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحاب الأمجاد الباذخة والشجاعة النادرة؟ إنه الزمان الذي لا يبقي أحدا على حاله، والأمور دول، من سره زمن ساءته أزمان، أو لا يعيد التاريخ نفسه؟
إن ابتعاد العرب عن السلطة هذا الزمن الطويل، وبقاءهم في الظل، لم يمنع ابن مليك الحموي أواخر العصر المملوكي وبداية العصر العثماني، من أن يشيد بالعرب في مدحة نبوية، فيقول:
بهم ضاء وجه الدّهر وافترّ ثغره ... فأيّامهم في الدّهر عيد وموسم «2»
ولا شك أن المدائح النبوية أثارت بما تضمنته من مدح للعرب، في نفوسهم الرغبة بالانتصاف وتحقيق العدالة في الدولة المملوكية، وأحيت الأمل باسترجاع مكانتهم السامية في الدولة الإسلامية، وذكّرت الناس بحق العرب، ووجوب مراعاة جانبهم، لفضلهم السابق، ولشرفهم ببعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من بينهم.
فلم تكن المدائح النبوية ثناء خالصا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وإشادة بخصاله وشمائله الكريمة، وتذكيرا بأثره الخالد في حياة البشرية فقط، بل كان شاعر المدح النبوي إلى جانب ذلك يغتنم فرصة مدحه للنبي الكريم، ليبث في أثنائه إشادته بالعرب والعروبة،
(1) ديوان لسان الدين بن الخطيب: ص 486.
(2) ديوان ابن مليك الحميوي: ص 5.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 457