اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 380
ومن شعره الجزل الذي يضارع به الشعر العربي القديم، قوله من قصيدة (تقديس الحرم من تدنيس الضرم) :
دعوا معشر الضّلال عنّا حديثكم ... فلا خطأ منه يجاب ولا عمد
وما ليّنت نار الحجاز قلوبكم ... وقد ذاب من حرّ بها الحجر الصّلد
تدمّر ما تأتي عليه كعاصف ... من الرّيح ما إن يستطاع له ردّ «1»
وتسلم الجزالة والقوة للبوصيري في أسلوبه، حين يتحدث عن السيرة والمعجزات، وهذا مقام النظم عند الشعراء، عند ما يريدون قسر الأحاديث والروايات على الانصياع للتعبير الشعري فتأبي، أما البوصيري، فإنه أحيانا يجيد ذلك، مثل قوله:
وا غيرتا حين أضحى الغار وهو به ... كمثل قلبي معمور ومأهول
وجلّل الغار نسج العنكبوت على ... وهن فيا حبّذا نسج وتجليل «2»
ويضارع الصرصري البوصيري في تنوع أسلوبه وصياغته، فيذهب بها كل مذهب عرف في عصره، ومن أسلوبه الجزل الذي شابه فيه القدماء، قوله في مدحة نبوية، يصف فيها الراحل إلى الحجاز على طريقة القدماء، وكأنه يصف سبعا من سباع البر:
ومنخرق السّربال يخترق الفلا ... ويقدم إقدام الشّجاع الدّلاهث
حسام طويل السّاعدين شرنبث ... له بطش دلهاث حصور شرابث
يخوض أهاويل الدّجى بجلاعد ... أمون السّرى بادي النّشاط حثاحث «3»
(1) ديوان البوصيري: ص 111.
(2) ديوان البوصيري: ص 225.
(3) ديوان الصرصري: ورقة 19- شرنبث وشرابث: غليظ الكفين والقدمين، وهو وصف للأسد- دلاهث: المقدام السريع وهو الأسد، حثاحث: سير سريع مضطرب.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 380