اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 345
أمن تذكّر جيران بذي سلم ... أم من تباريح ما أخفيت من ألم
أم من هوى من سمت أوصاف حسنهم ... أم من تفانيك في إفراط حبّهم
هجرت طيف الكرى ليلا فلم تنم ... أم حين أطربك الحادي بوصفهم
أم بالمغاني ونجد ثم سلعهم ... أم همت شوقا ووجدا نحو أرضهم
أو من وقوفك في أطلال ربعهم ... مزجت دمعا جرى من نحو مقلة بدم «1»
ولا ننسى في حديثنا عن هذه الأشكال الشعرية والتغييرات التي أجراها الشعراء على قصائد المديح المشهورة، الإشارة إلى التشطير، الذي يأخذ فيه الشاعر شطر كل بيت من القصيدة، ويتمه من نظمه، مثل تشطير شاعر اسمه (محمد بن عبد القادر المقاطعي) لبردة البوصيري، ومنه قوله:
أمن تذكّر جيران بذي سلم ... لبست بردا من الأحزان والسّقم
أم من فراق ربوع كنت تعهدها ... مزجت دمعا من مقلة بدم «2»
ولم يتوقف الشكل الشعري للمدحة النبوية عند المظاهر السابقة، والتي تعني الرصانة والجزالة، وهو ما يليق بالمدح النبوي، إلا أن انتشار المدح النبوي انتشارا عظيما، جعله يملأ مجالس الشعراء والأدباء الرصينة، ويفيض إلى مجالس الذكر والمجالس الشعبية، ليضحي فنا شعبيا يلائم كل ذوق، ويتفق مع كل درجات الثقافة، فالنبي الكريم هو نبي المسلمين جميعا، وحبيب المؤمنين كلهم، ولهم جميعا أن يشاركوا في مديحه، كل على طريقته ووفق مقدرته وثقافته، ومن هنا نشأت المذاهب المختلفة في مدح النبي، ومن هنا جاءت الأشكال الشعرية المتباينة في مدحه.
(1) عبد العزيز، محمد: تعشير الكواكب الدرية، ورقة 36.
(2) اليمني الشرواني: حديقة الأفراح ص 23.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 345