اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 262
وذهب ابن تيمية إلى أن «أحاديث زيارة قبره كلها ضعيفة، لا يعتمد على شيء منها في الدين، ولهذا لم يرو أهل الصحاح والسنن شيئا منها، وإنما يرويها من يروي الضعاف» [1] .
ويظهر أن مسألة التوسل بالنبي، كانت مثارة قبل هذا العصر، ونجد صدى ذلك في رسائل إخوان الصفاء الذين جعلوا قضية التوسل مرتبطة بدرجة معرفة المؤمن بالله تعالى فقالوا في ذلك: «من الناس من يتقرب إلى الله بأنبيائه ورسله، وبأئمتهم وأوصيائهم، أو بأولياء الله وعباده الصالحين، أو بملائكة الله المقربين، والتعظيم لهم، ومساجدهم ومشاهدهم، والاقتداء بهم وبأفعالهم، والعمل بوصاياهم وسننهم ... فأما من يعرف الله حق معرفته، فهو لا يتوسل إليه بأحد غيره، وهذه مرتبة أهل المعارف الذين هم أولياء الله. وأما من قصر فهمه ومعرفته وحقيقته، فليس له طريق إلى الله تعالى إلا بأنبيائه وأوصيائهم وعباده الصالحين» [2] .
وعلى الرغم من هذا الجدل، فإن شعراء المديح النبوي لم يتوقفوا عن التوسل بالنبي وطلب شفاعته، ليرفع عنهم البلاء، ولتتحقق حوائجهم في الدنيا، إلى جانب محو ذنوبهم في الآخرة، وهذا هو السبب الذاتي لتوجههم نحو المديح النبوي.
فالباعونية تصرح في تقديمها لإحدى مدائحها النبوية بغايتها من وراء مدحها لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فتقول: «ونويت بذلك وجه الله تعالى، والأعمال بالنيّات، والمسؤول من الرحمن أن يجعل جائزتي عليها وفور حظي وحظ ولدي وذريتي وأحباي فيه من فضله العظيم، وأن ينظمنا في سلك خواص حضرة هذا الحبيب» [3] . [1] ابن تيمية: قاعدة جليلة ص 72. [2] رسائل إخوان الصفا: 4/ 21. [3] ديوان الباعونية، ورقة 16.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 262