responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد    الجزء : 1  صفحة : 249
علماء المسلمين، رفضوا هذه النظريات وحاربوها، وكثير منهم تهيّبوا من الخوض فيها، واستند الرافضون والمتهيبون في مواقفهم على الأصول الإسلامية من قرآن وحديث، فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو أوّل من ردّ على أصحاب هذه النظريات في ذاته، فروي عنه صلّى الله عليه وسلّم:
«لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا عبد الله ورسوله» [1] .
فالنبي الكريم ألهمه الله تعالى في حديثه عن الغيب أو المستقبل أمورا شتى تحققت وستتحقق، ومن هذه الأمور انقسام أمته على نفسها في أمور عقيدتها، وفي النظرة إليه والحديث عنه، ولذلك شدّد في حديثه هذا وفي مجمل أحاديثه على عبوديته لله تعالى قبل كل شيء، فقد اختاره الله سبحانه ليحمل رسالة الهدى والحق، وليعيد العلاقة بين الخالق والمخلوق إلى حقيقتها، وهي علاقة عبودية للخالق، وليست علاقة بنوّة أو تفويض بالخلق، أو بالوساطة مع الخلق، إلى غير ذلك مما جاءت به الحقيقة المحمدية وتفاسيرها، فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم أثبت ما هو ثابت له، وهو العبودية والرسالة، وأسلم لله ما هو له لا لسواه ولا يشاركه فيه أحد، من القدرة والخلق، وغير ذلك من صفات الله المنفرد بها عن خلقه.
أخذ شعراء المدائح النبوية جميعهم بالحقيقة المحمدية، أخذ بدهية دينية لا تحتاج إلى النقاش، وذكروها في قصائدهم، ومدحوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بها، بل جعلوها أقصى ما يمدح به، فقد استهوتهم نظرية الحقيقة المحمدية، لأنها تتجاوب مع تحليق الخيال، ومع المبالغة الشعرية، وقد مدّهم أصحاب السيرة والخصائص والدلائل بفيض من هذه الروايات الغيبية، التي تثير المخيلات، وتفسح المجال أمام القول الشعري، لكن هذه الروايات الغيبية، التي فرح بها الشعراء لها خطرها على العقيدة، أو كما قال محقق كتاب الخصائص الكبرى في مقدمته: «لا شيء أفسد للتاريخ والسّير من تلك الروايات المحلقة في سماء الخيال، والتي تنقل الحياة البشرية من عالم الواقع إلى جو الأساطير،

[1] صحيح البخاري، كتاب الأنبياء 4/ 142.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد    الجزء : 1  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست