اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 108
لقد ذهبوا إلى أن الخليفة الفاطمي زكّاه الله تعالى وبعثه ليقوم بأمر الناس، ولذلك يقول له ظافر الحداد [1] :
ومدحك في كتاب الله نصّ ... وحسبك منه كاف أيّ كاف «2»
فظافر الحداد مدح الخليفة الفاطمي بما يمدح به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال فيه:
صلّى الإله عليك يا ابن رسوله ... وهدى لطاعتك الورى لسبيله
فيك استقرّ الحقّ واتّضح الهدى ... وأبان للثّقلين وجه دليله «3»
لكن الشعراء لم يكونوا جميعا منساقين لمثل هذه المبالغات، وظلوا يمدحون الخلفاء الفاطميين بانتسابهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فابن حيوس [4] يمدح نقيب الطالبيين بقوله:
خصّ الإله محمّدا من بينكم ... لا زال محروسا بأكرم آل
وبراكم من طينة مسكيّة ... لمّا برى ذا الخلق من صلصال «5»
صحيح أن ابن حيوس رفع الهاشميين فوق الناس جميعا، حتى جعل طينتهم تختلف عن طينة باقي البشر، لكنه لم يجعل الممدوح بمرتبة النبي بل جعل انتساب الطالبيين إلى النبي الأمين محط الفخر والمدح.
والملاحظ أن الشعراء الفاطميين يجعلون للخلفاء وللطالبيين من الهاشميين صفة الهداية والشفاعة، فيتوسلون بهم إلى الله تعالى، ولم يصلوا على الرغم من كثرة ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شعرهم إلى إفراد مدحه في قصائد خاصة، واكتفوا بما يتيسر لهم أثناء [1] ظافر الحداد: ظافر بن قاسم بن منصور الجذامي، شاعر من أهل الإسكندرية، كان حدادا، وله ديوان شعر، توفي سنة (529 هـ) . ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 4/ 91.
(2) ديوان ظافر الحداد: ص 219.
(3) المصدر نفسه: ص 254. [4] ابن حيوس: محمد بن سلطان بن محمد، شاعر الشام في عصره، كان أبوه من أمراء العرب، له ديوان شعر، توفي سنة (394 هـ) . ابن العماد الحنبلي شذرات الذهب 3/ 343.
(5) ديوان ابن حيوس: ص 502.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 108