اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 107
بهالة من القداسة، فشارك الشعراء في عملية الدعاية هذه، وحمل شعرهم العقيدة الفاطمية، وما تذهب إليه في الخلفاء.
وقد أوسعت الحروب الصليبية بلاد الشام حرقا وقتلا وسلبا، وانتهكت الحرمات فيها باسم الدين، فكان لا بد من أن يدافع الشعراء عن دينهم، وعن صاحب هذا الدين، رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الذي هاجمه الفرنج وانتقصوا قدره.
فذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم جاء في الشعر الذي مدح به الخلفاء الفاطميون، لأنهم يرجعون بنسبهم إليه، وفي الشعر الذي قيل في الدفاع عن الدين الإسلامي ونبيّه، ففي هذا الشعر مدح مستفيض لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بالإضافة إلى الشعر الذي خرج من بيئات المتصوفة، الذين اشتدت حركتهم واتسعت في هذا العصر، نتيجة للاضطرابات والحروب، فشعرهم ينبض بتمجيد الله تعالى وتسبيحه، وتعظيم مقدساته، لذلك كان للرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم نصيب من شعرهم.
أما ما مدح به الخلفاء الفاطميون، فإنه يظهر على جانب كبير من المبالغة والتطرف عند من لا يدين بشرعتهم، فهم رفعوا الخلفاء فوق مستوى البشر، ومدحوهم بما تمدح به الأنبياء، وأشركوهم في خصائص الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم، فقد نقل عن مخطوط بعنوان (مجموعة أشعار إسماعيلية) شعر للخليفة الفاطمي العزيز بالله، يقول فيه:
أنا ابن رسول الله غير مدافع ... تنقّلت في الأنوار من قبل آدم
لي الشّرف العالي الذي خضعت له ... رقاب بني حوّاء من كلّ عالم «1»
فإذا كان الخليفة يقول عن نفسه هذا القول، ويدعي أنه وجد قبل آدم، فماذا يقول الشعراء؟.
(1) يشير إلى الآية الكريمة قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي، لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي، وَلَوْ.
اسم الکتاب : المدائح النبوية حتى نهاية العصر الملوكي المؤلف : محمود سالم محمد الجزء : 1 صفحة : 107