والتفهم، والنظر، وشكر لهم سعيهم فيما أفادوه، ونبهوا عليه، وحمدهم على صوابهم الذي هو أكثر أقوالهم، ولم يبرئهم من الذلل، كما لم يبرؤوا أنفسهم منه، فهذا هو الطالب المتمسك بما عليه السلف الصالح، وهو المصيب لحظه، والمعاين لرشده، والمتبع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهدي صحابته رضي الله عنهم، وعمن اتبع بإحسان آثارهم، ومن أعفى نفسه من النظر، وأضرب عما ذكرنا، وعارض السنن برأيه، ورام أن يردها في إلى مبلغ نظره، فهو ضال مضل، ومن جهل ذلك كله أيضاً وتقحم في الفتوى بلا علم، فهو أشد عمى وأضل سبيلاً.
لقد أسمعت لو ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن تنادي
وقد علمت أنني لا أسلم من جاهل معاند لا يعلم " (1)
وقال ابن الجوزي رحمه الله تعالى: " فينبغي لذي الهمة أن يترقى إلى الفضائل، فيتشاغل بحفظ القرآن وتفسيره، وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وبمعرفة سيره وسير أصحابه، والعلماء بعدهم، ليتخير مرتبة الأعلى فالأعلى، ولابد من معرفة مايقيم به لسان من النحو، ومعرفة طرف مستعمل من اللغة، والفقه أصل العلوم والتذكير حلواؤها وأعمها نفعاً " (2)
وقال النووي رحمه الله تعالى: " وأول مايبتدئ به حفظ القرآن العزيز، فهو أهم العلوم، وكان السلف لا يعملون الحديث والفقه إلا لمن يحفظ القرآن، وإذا حفظه فليحذر من الاشتغال عنه بالحديث والفقه وغيرهما، اشتغالاً يؤدي إلى نسيان شيء منه، أو تعريضه للنسيان،
(1) جامع بيان العلم وفضله 2/1139.
(2) لفتة الكبد ص (30) .