responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان    الجزء : 1  صفحة : 182
الذم: الهيمان في كل واد من الكذب والباطل وبهذا الاعتبار الشعر مذموم وكل ما ورد من ذمه في القرآن والحديث فهو راجع إلى هذا الاعتبار وهو ممدوح باعتبار اشتماله على الحكم ولذا ميز الله - سبحانه - الشعراء المؤمنين عن هؤلاء المشركين بالاستثناء وأرشد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ذلك بقوله: "إن من الشعر حكمة" وأما قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} فهو رد على الكفار القائلين: بأنه - صلى الله عليه وسلم - شاعر ولا يخفى أن القرآن ليس من جنس الشعر ولا يقول به من له أدنى تمييز لأن الشعر يكون مقفى موزونا وليس القرآن كذلك ويمكن أن يكون قولهم مبينا على: أن الشاعر يراعي الوزن والقافية في الكلام فالذي يكون قادرا على الشعر سهل له أن ينشئ الكلام بلا مراعاة الوزن والقافية فما يأتي به هو ناشئ عن سليقته لا كما يدعي أنه منزل من السماء فرد الله - سبحانه - عليهم وقال: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} لأن أكثره خيالات لا حقيقة لها وتغزلات بالنساء والأمارد وافتخارات باطلة ومدائح من لا يستحق إلى غير ذلك والقرآن ليس على هذا الأسلوب ثم أيده بقوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} أي: لا يليق بشأنه لأن الشعر قلما يخلو عن الأمور المذكورة وقد امتحنتموه - صلى الله عليه وسلم - نحوا من أربعين سنة فما وجدتم من أقواله وأفعاله وأحواله ما يناسب شيئا منها ولا يخفى أن في قوله - تعالى -: {وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} إشعارا بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قادرا على الشعر ولم يقله بناء على أنه ما كان ينبغي له فإنه - سبحانه - نفى الانبغاء دون القدرة عليه ثم أيده بقوله - تعالى -: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ} أي: كتاب سماوي ظاهر أنه ليس من كلام البشر لما فيه من الإعجاز.
وقد تبين من هذا: أن في الآية تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أن يملي القرآن بسليقته كما هو شأن الشعراء حيث يملون الكلام الموزون بسلائقهم وإذا أمعنت النظر لا تجد فيه ذما للشعر بل تجد مدحا عظيما وليت شعري أي شيء يستدعي إلى ذم الشعر مطلقا؟ فإن الحسن والقبح راجعان إلى المعنى - كما تقدم - وإذا كان المعنى حسنا فالمنظوم أزيد حسنا وجمالا من المنثور وأنفع للمتكلم في ما قصده من إيقاع المعاني في نفس المخاطب وللمخاطب في التوجه إليه بالرغبة
ولقد أجاد البوصيري حيث قال:
فالدر يزداد حسنا وهو منتظم ... وليس ينقص قدرا غير منتظم
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتمثل بقول طرفة وهو: ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ويقول: أصدق كلمة قالها الشاعر: كلمة لبيد:
ألا كل شيء ماخلا الله باطل ... ...................................
وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة - رضي الله عنها -: "أهديتم الفتاة إلى بعلها"؟ قالت: نعم قال: "فبعثتم معها من يغني"؟ قالت: ولم نفعل؟ قال: "أو ما علمتم أن الأنصار قوم يعجبهم الغزل؟ ألا بعثتم معها من يقول:
أتيناكم أتيناكم ... فحيونا نحييكم
ولولا الحنطة السمرا ... ء لم نحلل بواديكم"
وقد ورد في الصحيح أنه قال - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق:
بسم الله وبه هدينا ... ولو عبدنا غيره شقينا
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

اسم الکتاب : أبجد العلوم المؤلف : صديق حسن خان    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست