responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 246
فالعاقل لأجل جولان فكره يكثر انْتِظَاره مكاره الدُّنْيَا وَمن لَا يكثر فكره وَلَا ينْتَظر مَكْرُوها فَلَا سَبَب لَهُ يغمه. وَأما المزاج الَّذِي ذَكرْنَاهُ فقد أحكمه جالينوس وَأَصْحَابه وَسَائِر الْأَطِبَّاء مِمَّن تقدمه أَو تَأَخّر عَنهُ. وَهَذَا المزاج لَيْسَ يخلوا أَن يكون طارئاً أَو حَادِثا أَو طبيعياً فِي أصل الْخلقَة فَإِن كَانَ حَادِثا فَهُوَ مرض وَيَنْبَغِي أَن يعالج بِمَا تعالج بِهِ أَصْنَاف المالخوليا وأنواع الْأَمْرَاض السوداوية الَّتِي سَببهَا فَسَاد الدَّم بالاحتراق وانحرافه إِلَى السَّوْدَاء. وَإِن كَانَ أَصْلِيًّا وخلقة فَلَا علاج لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَض كأجيال من النَّاس وأمم أمزجتهم كَذَلِك. فَأَما مَا حكيته عَن السودَان فَإِن الزنوج خَاصَّة لَهُم الْفَرح والنشاط وَسَببه أعتدال دم الْقلب فيهم وَلَيْسَ ظَنَنْت أَن أمزجتهم تَابِعَة لسواد ألوانهم وَذَلِكَ أَن سَبَب سَواد ألوانهم هُوَ قرب الشَّمْس مِنْهُم وممرها فِي حضيض فلكها على سمت رُءُوسهم فَهِيَ تحرق جُلُودهمْ وشعورهم فَيعرض فِيهَا - أَعنِي فِي شُعُورهمْ - التفلفل الَّذِي هُوَ بِالْحَقِيقَةِ تشيط الشّعْر وَلأَجل أَن الْحَرَارَة تستولي على ظَاهِرهمْ فَهِيَ تجذب الْحَرَارَة الغريزية من باطنهم إِلَيْهَا لِأَن الْحَرَارَة تميل إِلَى جِهَة الْحَرَارَة فَلَا تكْثر الْحَرَارَة الغريزية فِي قُلُوبهم لأجل ذَلِك. وَإِذا لَك تكن الْحَرَارَة الغريزية فِي الْقلب قَوِيَّة لم يعرض للدم الَّذِي هُنَاكَ احتراق بل هُوَ إِلَى الصفاء والرقة أقرب. وَدِمَاء الزنوج رقيقَة أبدا صَافِيَة وَلذَلِك تقل الشجَاعَة أَيْضا فيهم. فَأَما الحمران فأكثرهم فِي نَاحيَة الشمَال والبلدان الْبَارِدَة الَّتِي تبعد

اسم الکتاب : الهوامل والشوامل المؤلف : ابن مسكويه    الجزء : 1  صفحة : 246
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست