اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 47
بعض البطون الشمالية مع غيرها من قبائل الجنوب، واتخذت القبيلة اسمها من تنخ "تنأ" أي أقام واستقر، وكثر ماله، وذلك لاستقرارها في بادية العراق[1].
وبمجرد أن تدخل القبيلة في حلف يصبح لها على أحلافها كل الحقوق؛ فهم ينصرونها على أعدائها، ويلبون دعوتها إذا اعتدي عليها، وقد تنفصل بعض القبائل عن الحلف لتنضم إلى حلف آخر يحقق لها مصالحها، ومن ثم كنا نرى أحلافًا تضعف وتحل محلها أحلاف أخرى، وقد انتشر التحالف بين القبائل العربية بصورة واسعة قبيل الإسلام، ولم تبق إلا قبائل قليلة لم تدخل في أحلاف؛ اعتمادًا على قوتها الذاتية وعلى بطولة أفرادها، ولذلك سميت هذه القبائل جمرات العرب[2] ولكنها كثيرًا ما كان يئول أمرها إلى أن تنهك في الحروب، أما القبائل المتحالفة فكانت تهاب فلا يعتدى عليها.
وانتشار المحالفات بين القبائل العربية كان إحساسًا من القبيلة العربية بأنها لا تستطيع أن تعيش: في مجالها الضيق وأنها بحاجة إلى غيرها من القبائل تؤاخيها وتربط مصيرها بمصيرها، وكان هذا بدء نهضة قومية، استفاد منها الإسلام في توحيد العرب في أمة واحدة.
وقيام علاقة الحلف تقترن عادة بمراسيم وطقوس خاصة تحرص القبائل على اتباعها نظرًا لأهمية النتائج المرتبة عليها؛ فقد اتخذت الأحلاف صبغة دينية وطقوسًا خاصة، إذ كانوا يغمسون أيديهم في طيب أو دم، وربما أوقدوا نارًا عند تحالفهم ودعوا الله على مَن ينكث العهد بالحرمان من منافعها. وكانوا يقولون: الدم الدم، والهدم الهدم، لا يزيد العهد طلوع الشمس إلا شدًّا، وطول الليل إلا مدًّا، ما بلَّ بحر صوفه، وأقام رضوى في مكانه إن كان رضوى جبلهم وإلإ ذكروا ما يجاورهم من الجبال[3]. [1] انظر عن أحلاف الأفراد والقبائل: الأغاني2/ 242- 243، 316، 3/ 38. القلقشندي: نهاية الأرب 189. فجر الإسلام4. الآلوسي 1/ 118. بروكلمان: تاريخ الأدب العربي 124. وانظر ابن الأثير ج1 عن أيام العرب وفيه كثير ذكر للمحالفات بين القبائل، دائرة المعارف الإسلامية عن تنوخ. المصباح المنير 1/ 107. [2] المحبر 134. جواد 4/ 316، العقد الفريد 3/ 336- 337، 367، المصباح المنير 1/ 149. شوقي ضيف: العصر الجاهلي 58. ابن خلدون القسم الثالث 3/ 64. [3] الجاحظ، الحيوان 4/ 3.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 47