responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 358
أول المعركة مهارة القيادة ودقة التنظيم، وثورة الإيمان في نفوس بعض أبطال المسلمين ممن سمت نفوسهم حتى ليرون ألا تقف قوة أمام سيوفهم، وكان هذا قمينًا أن يتم عليهم النصر. لولا ذلك الخلل الذي وصل إلى بعض النفوس فأطمعها في الدنيا وأغراها بحب العاجلة، فذهلت عن أمر نبيها فأفسدت على الفئة المؤمنة موقفها. فقد حمل المسملون في أول المعركة حملة شديدة على العدو وتناولوا حملة لوائه بالقتل حتى قتلوا منهم تسعة على التوالي، فتراجعت قوات قريش وانكشفت حتى دخل المسلمون معسكرهم، وكادوا يذيقونهم هزيمة أشد من يوم بدر. لولا أن شغلوا بالغنيمة يجمعونها، وخالف الرماة الأوامر المشددة، فتركوا مواقفهم ونزلوا يشاركون في جمع الغنائم ظنًّا منهم أن الهزيمة قد تمت على العدو، وعند ذلك اهتبل الفرصة خالد بن الوليد قائد خيل قريش، فنفذ من الثغرة التي كان يسدها الرماة، ودار خلف جيش المسلمين وأوقع الخلل في صفوفه، وعاد المنهزمون من قريش حين رأوا خيلهم تقاتل بين المسلمين، فألحقوا بهم هزيمة شديدة وقتلوا منهم سبعين رجلًا منهم عدد من الأبطال من بينهم حمزة عم النبي -صلى الله عليه وسلم- بطل ذلك اليوم، ووصل العدو إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- نفسه بعد أن تفرق عنه رجاله منهزمين، وأصابه بجراحات شديدة، وتعرضت حياته للخطر لولا أن دافع عنه رجال من المهاجرين والأنصار فدوه بحياتهم.
وفشلت كل محاولة من النبي -صلى الله عليه وسلم- لرد هزيمة المنهزمين، وإعادة تسوية الصفوف فقد ابتلعت الكثرة من قريش هذا العدد القليل من المسلمين بعد أن فقدوا النظام واختلت صفوفهم، وفي تصوير هذا الموقف نزل القرآن الكريم: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ[1] بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [آل عمران] .
{إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران- 155] .

[1] تحسونهم: تقتلونهم، تفسير الطبري 7/ 287.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف    الجزء : 1  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست