اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 329
ظهرت نية النبي -صلى الله عليه وسلم- السلمية بشكل واضح جدًّا لا يختلف عليه المؤرخون بعد عام الخندق، ونادى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكلمة التقوى أو كلمة السلم واعتبرها مقابلة لما كان يتبعه الناس يومئذ من الاستجابة لحمية الجاهلية، فحمية الجاهلية تقابل كلمة السلم عند النبي -صلى الله عليه وسلم- والعبارتان رامزتان لمثلين مختلفين: المثل الإسلامية، والمثل العربية الجاهلية[1].
وقد حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- حين فتح مكة أن يتفادى الاصطدام بالمكيين. وفعلًا تم فتح مكة سنة 8هـ، وكان فتحًا خلا من القتال بوجه عام. وهو من قبل هذا في عام الحديبية سنة 6هـ، قد مال إلى السلم برغم معارضة كثير من أصحابه، وعد الفوز بالسلم غنيمة كبرى وفتحًا مبينًا[2]، إذ استطاع عمليًّا أن يسود المبدأ الإسلامي ويتغلب نهائيًّا على مبدأ الجاهلية؛ ففي تسويد مبدأ السلم احتفاظ بقوى العرب سليمة، قوى يثرب وقوى مكة على السواء؛ استعدادًا لما كان يهدف إليه من توحيد العرب توحيدًا شاملًا، وما تتطلبه الوحدة من قوة مادية وأدبية: من رجال ومن خبرة وتجربة. هذا إلى أن في السلم إبعادًا لسخيمة النفوس وأحقادها مما قد يكون له من أثر سيئ على روح الأفراد، سواء إذا تم الأمر بالنصر أو بالصلح، على أن في تسويد السلم حرية للعقيدة أن تنتشر دون أن تقف في وجهها عقبات مادية أو نفسية تصدها عن الانتشار أو تعطيل من سيرها؛ ولذلك نزل القرآن الكريم بسورة الفتح بعد صلح الحديبية {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح] . والنبي - صلى الله عليه وسلم- لم يلجأ إلى حرب هوازن وثقيف يوم حنين إلا لأن هذه القبائل تحدته وتقدمت لحربه ورفضت الدخول فيما دخل فيه المكيون؛ وكانوا من قبل يسيرون حيث يسير أهل مكة، وكانت الطائف تعتبر من ريف مكة، ولا يوجد شريف من أهل مكة إلا وله في الطائف بستان. وكذلك حرب النبي -صلى الله عليه وسلم- مع القبائل العربية؛ فإنه لم يهاجم إلا القبائل التي استعدت لقتاله وتجمعت لذلك، وكذلك لم يهاجم اليهود إلا لخياناتهم وتجميعهم الجموع لحرب المدينة. [1] {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الفتح] . [2] ابن هشام 3/ 355- 372.
ظهرت نية النبي -صلى الله عليه وسلم- السلمية بشكل واضح جدًّا لا يختلف عليه المؤرخون بعد عام الخندق، ونادى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكلمة التقوى أو كلمة السلم واعتبرها مقابلة لما كان يتبعه الناس يومئذ من الاستجابة لحمية الجاهلية، فحمية الجاهلية تقابل كلمة السلم عند النبي -صلى الله عليه وسلم- والعبارتان رامزتان لمثلين مختلفين: المثل الإسلامية، والمثل العربية الجاهلية[1].
وقد حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- حين فتح مكة أن يتفادى الاصطدام بالمكيين. وفعلًا تم فتح مكة سنة 8هـ، وكان فتحًا خلا من القتال بوجه عام. وهو من قبل هذا في عام الحديبية سنة 6هـ، قد مال إلى السلم برغم معارضة كثير من أصحابه، وعد الفوز بالسلم غنيمة كبرى وفتحًا مبينًا[2]، إذ استطاع عمليًّا أن يسود المبدأ الإسلامي ويتغلب نهائيًّا على مبدأ الجاهلية؛ ففي تسويد مبدأ السلم احتفاظ بقوى العرب سليمة، قوى يثرب وقوى مكة على السواء؛ استعدادًا لما كان يهدف إليه من توحيد العرب توحيدًا شاملًا، وما تتطلبه الوحدة من قوة مادية وأدبية: من رجال ومن خبرة وتجربة. هذا إلى أن في السلم إبعادًا لسخيمة النفوس وأحقادها مما قد يكون له من أثر سيئ على روح الأفراد، سواء إذا تم الأمر بالنصر أو بالصلح، على أن في تسويد السلم حرية للعقيدة أن تنتشر دون أن تقف في وجهها عقبات مادية أو نفسية تصدها عن الانتشار أو تعطيل من سيرها؛ ولذلك نزل القرآن الكريم بسورة الفتح بعد صلح الحديبية {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح] . والنبي - صلى الله عليه وسلم- لم يلجأ إلى حرب هوازن وثقيف يوم حنين إلا لأن هذه القبائل تحدته وتقدمت لحربه ورفضت الدخول فيما دخل فيه المكيون؛ وكانوا من قبل يسيرون حيث يسير أهل مكة، وكانت الطائف تعتبر من ريف مكة، ولا يوجد شريف من أهل مكة إلا وله في الطائف بستان. وكذلك حرب النبي -صلى الله عليه وسلم- مع القبائل العربية؛ فإنه لم يهاجم إلا القبائل التي استعدت لقتاله وتجمعت لذلك، وكذلك لم يهاجم اليهود إلا لخياناتهم وتجميعهم الجموع لحرب المدينة. [1] {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} [الفتح] . [2] ابن هشام 3/ 355- 372.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 329