اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 326
في أثناء هذه السرايا أحلافًا مع القبائل المجاورة[1]؛ إذ إنه لا بد لسكان المدن التي تقوم في وسط جو بدوي أن تعمل حسابًا كبيرًا لغزوات البدو، ولا يكون ذلك إلا عن طريق محالفة البدو ومهادنتهم، وأحيانًا بدفع الإتاوات لهم، ثم كسر شوكتهم بالضرب على أيديهم عند اللزوم، وإشعارهم دائمًا بقوة المدينة وقدرتها على الضرب.
والسرايا التي عرفت في السنتين الأوليين كانت عبارة عن حملات حربية صغيرة لا يقصد بها إلى الحرب، بل يقصد بها ما يقصد من أعمال الدوريات الحربية، وهي المحافظة على الحدود أو الاستكشاف، وأحيانًا إيقاع الضرر بأي عدو والانسحاب بسرعة، وقد بلغ عدد السرايا التي أرسلها النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل موقعة بدر ثماني سرايا اتجهت إلى كل الجهات، قاد بعضها بنفسه وعقد لبعض أصحابه على بعضها[2].
ويذكر المؤرخون هذه السرايا على أنها عمليات حربية مقصودة بذاتها[3] وعلى أنها متصلة بالصراع بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ومكة، وهذا خطأ في نظرنا، والخطأ آتٍ من أن المصادر نفسها والمؤرخين المحدثين لم يفطنوا إلى أن هذه السرايا كانت عمليات حربية داخلية، يقصد بها تقوية الجبهة الداخلية، ويقصد بها كذلك ضمان الأمن ودفع الأذى الذي قد يأتي من الخارج.
على أنه كان من مهمة هذه السرايا منع تجارة قريش من المرور في أراضي الدولة الجديدة، طبقًا لنص الصحيفة الذي يقول: إنه لا تجار قريش ولا أموالها وهذا داخل في نطاق أعمال السيادة للدولة اليثربية، وكان لا بد من إشعار قريش، ومن إشعار القبائل المجاورة أن حدود الدولة الجديدة محروسة، وأن سيادتها على أراضيها يجب أن تحترم وأنه من الخير الاتفاق معها والاعتراف بها. ولم يكن الأمر في حقيقته من جانب يثرب بالنسبة لقريش أمر إعنات وإحراج وحروب؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينظر إلى قريش نظرة خاصة، فهو يقدر الميزات التي تنطوي عليها مهادنة قريش واعترافها بالدولة الجديدة، كما كان يدرك قيمة قريش بين العرب وما يعود من وراء الاتفاق معها من [1] ابن هشام [2]/ 224، 236. [2] ابن هشام [2]/ 223- 242، الطبري [2]/ 121، ابن كثير [3]/ 248. [3] الطبري [2]/ 120- 123، ابن كثير [3]/ 246- 248، الواقدي 4 هيكل: حياة محمد 237- 242.
Watt, Muhammad at Medina p.[2]- 3
في أثناء هذه السرايا أحلافًا مع القبائل المجاورة[1]؛ إذ إنه لا بد لسكان المدن التي تقوم في وسط جو بدوي أن تعمل حسابًا كبيرًا لغزوات البدو، ولا يكون ذلك إلا عن طريق محالفة البدو ومهادنتهم، وأحيانًا بدفع الإتاوات لهم، ثم كسر شوكتهم بالضرب على أيديهم عند اللزوم، وإشعارهم دائمًا بقوة المدينة وقدرتها على الضرب.
والسرايا التي عرفت في السنتين الأوليين كانت عبارة عن حملات حربية صغيرة لا يقصد بها إلى الحرب، بل يقصد بها ما يقصد من أعمال الدوريات الحربية، وهي المحافظة على الحدود أو الاستكشاف، وأحيانًا إيقاع الضرر بأي عدو والانسحاب بسرعة، وقد بلغ عدد السرايا التي أرسلها النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل موقعة بدر ثماني سرايا اتجهت إلى كل الجهات، قاد بعضها بنفسه وعقد لبعض أصحابه على بعضها[2].
ويذكر المؤرخون هذه السرايا على أنها عمليات حربية مقصودة بذاتها[3] وعلى أنها متصلة بالصراع بين النبي -صلى الله عليه وسلم- ومكة، وهذا خطأ في نظرنا، والخطأ آتٍ من أن المصادر نفسها والمؤرخين المحدثين لم يفطنوا إلى أن هذه السرايا كانت عمليات حربية داخلية، يقصد بها تقوية الجبهة الداخلية، ويقصد بها كذلك ضمان الأمن ودفع الأذى الذي قد يأتي من الخارج.
على أنه كان من مهمة هذه السرايا منع تجارة قريش من المرور في أراضي الدولة الجديدة، طبقًا لنص الصحيفة الذي يقول: إنه لا تجار قريش ولا أموالها وهذا داخل في نطاق أعمال السيادة للدولة اليثربية، وكان لا بد من إشعار قريش، ومن إشعار القبائل المجاورة أن حدود الدولة الجديدة محروسة، وأن سيادتها على أراضيها يجب أن تحترم وأنه من الخير الاتفاق معها والاعتراف بها. ولم يكن الأمر في حقيقته من جانب يثرب بالنسبة لقريش أمر إعنات وإحراج وحروب؛ فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينظر إلى قريش نظرة خاصة، فهو يقدر الميزات التي تنطوي عليها مهادنة قريش واعترافها بالدولة الجديدة، كما كان يدرك قيمة قريش بين العرب وما يعود من وراء الاتفاق معها من [1] ابن هشام 2/ 224، 236. [2] ابن هشام 2/ 223- 242، الطبري 2/ 121، ابن كثير 3/ 248. [3] الطبري 2/ 120- 123، ابن كثير 3/ 246- 248، الواقدي 4 هيكل: حياة محمد 237- 242.
Watt, Muhammad at Medina p.2- 3
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 326