اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 325
وكان المؤمنون وعلى رأسهم النبي -صلى الله عليه وسلم- هم روح هذه الأمة والعنصر الناهض الذي كانت تصدر منه الحركة، وكلما كان الدين ينتشر؛ كانت أركان الأمة تقوى وتتوطد[1].
وكانت مهمة النبي -صلى الله عليه وسلم- السياسية بعد هذا تنحصر في الدفاع عن حدود دولته وضمان الأمن لها، ولم تخرج تصرفاته عن هذا الهدف طوال العصر المدني. والأساس التي نفسر به كل التصرفات السياسية هو أن المدينة ومن انضم إليها دولة واحدة غير متصلة بما عداها إلا بالشروط الجديدة التي وضعها النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا صلة بين يثرب وبين غيرها إلا عن طريق الإسلام وعن طريق الالتحاق بها والتبعية لها. ولتقوية جبهة المدينة اعتبرت الهجرة إلى المدينة أساسًا للحصول على حق الرعوية للدولة الجديدة؛ فعلى من يدخل الإسلام ويريد أن يكون مواطنًا في يثرب أن يهاجر إليها، وقد نزل القرآن بنص صريح من ذلك فقال: {وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال] .
ونستطيع أن نقول: إن حكومة المدينة ظلت مقصورة على المدينة نفسها وعلى ريفها إلى عام فتح مكة سنة 8هـ، فالطور الأول في شكل الحكومة المدينية هو طور: المدينة- الدولة. City - State وقد دام ثماني سنوات، فإذا استطاع أحد أن ينكر وجود مقومات الدولة المدينية في يثرب قبل الهجرة فهو لا يستطيع أن ينفي عن يثرب هذه الصفة بعد الهجرة.
وكما حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن يوجد في داخل المدينة أداة للحكم، وأن ينظم شئونها الداخلية، كذلك حرص عن طريق السرايا على أن ينضم إلى المدينة ما حولها من ريف وما حولها من قبائل، وأن يخطط لها مجالها ويقرر حدودها، ويعقد لها أحلافًا مع القبائل النازلة فيما حولها؛ لأن الحاضرة لا تستطيع أن تعيش بنفسها، ولا تستغني عن ريف يمدها بالمؤن ويكون مجالًا لنشاطها. ولهذا الغرض قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدة سرايا، ابتدأت من المدينة واتجهت إلى جميع الجهات. فأمنت هذا الريف، وعقدت [1] انظر فلهوزن: تاريخ الدولة العربية ص: 11- 15.
وكان المؤمنون وعلى رأسهم النبي -صلى الله عليه وسلم- هم روح هذه الأمة والعنصر الناهض الذي كانت تصدر منه الحركة، وكلما كان الدين ينتشر؛ كانت أركان الأمة تقوى وتتوطد[1].
وكانت مهمة النبي -صلى الله عليه وسلم- السياسية بعد هذا تنحصر في الدفاع عن حدود دولته وضمان الأمن لها، ولم تخرج تصرفاته عن هذا الهدف طوال العصر المدني. والأساس التي نفسر به كل التصرفات السياسية هو أن المدينة ومن انضم إليها دولة واحدة غير متصلة بما عداها إلا بالشروط الجديدة التي وضعها النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا صلة بين يثرب وبين غيرها إلا عن طريق الإسلام وعن طريق الالتحاق بها والتبعية لها. ولتقوية جبهة المدينة اعتبرت الهجرة إلى المدينة أساسًا للحصول على حق الرعوية للدولة الجديدة؛ فعلى من يدخل الإسلام ويريد أن يكون مواطنًا في يثرب أن يهاجر إليها، وقد نزل القرآن بنص صريح من ذلك فقال: {وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الأنفال] .
ونستطيع أن نقول: إن حكومة المدينة ظلت مقصورة على المدينة نفسها وعلى ريفها إلى عام فتح مكة سنة 8هـ، فالطور الأول في شكل الحكومة المدينية هو طور: المدينة- الدولة. City - State وقد دام ثماني سنوات، فإذا استطاع أحد أن ينكر وجود مقومات الدولة المدينية في يثرب قبل الهجرة فهو لا يستطيع أن ينفي عن يثرب هذه الصفة بعد الهجرة.
وكما حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على أن يوجد في داخل المدينة أداة للحكم، وأن ينظم شئونها الداخلية، كذلك حرص عن طريق السرايا على أن ينضم إلى المدينة ما حولها من ريف وما حولها من قبائل، وأن يخطط لها مجالها ويقرر حدودها، ويعقد لها أحلافًا مع القبائل النازلة فيما حولها؛ لأن الحاضرة لا تستطيع أن تعيش بنفسها، ولا تستغني عن ريف يمدها بالمؤن ويكون مجالًا لنشاطها. ولهذا الغرض قام النبي -صلى الله عليه وسلم- بعدة سرايا، ابتدأت من المدينة واتجهت إلى جميع الجهات. فأمنت هذا الريف، وعقدت [1] انظر فلهوزن: تاريخ الدولة العربية ص: 11- 15.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 325