اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 307
النشاط الصناعي
كانت المدينة أظهر من مكة في النشاط الصناعي، فقد كانت تقوم بها صناعة معتمدة على الإنتاج الزراعي، كما كانت أيضًا ضرورية للأعمال الزراعية، ثم إنه كان بها صناع متخصصون احترفوا أنواعًا من الصناعات وبرعوا فيها وبخاصة صناعة الحلي والأسلحة؛ هذا إلى صناعات أخرى هي من مستلزمات حياة المدن ومن مستعملات الناس في حياتهم اليومية، وإذا كان بعض هذه المستلزمات قد جلب من الخارج مصنوعًا؛ إلا أنه ليس من المعقول أن يجلب الناس كل ما يحتاجون إليه جلبًا، وأن يعيشوا عالة على العامل الخارجي في كل شيء، بل لا بد من قيام طبقة من العمال تقوم بصناعة محلية، وبخاصة إذا توافرت المادة الخام لها، كما أن هناك أعمالًا لا يمكن جلبها من الخارج مثل النجارة والحياكة ونحت الحجارة وما يستلزم البناء من صناعة.
ولقد قامت في المدينة صناعات معتمدة على الإنتاج الزراعي، وأهمها صناعة الخمر من التمر والبسر وكانوا يسمونها الفضيخ[1]، وكانوا يشربونها ويتاجرون فيها، وكان لديهم منها كميات كبيرة يختزنونها في الجرار سواء في ذلك العرب واليهود. كما
1 "الفضيخ شراب يتخذ من البسر وحده من غير أن تمسه النار" القاموس مادة "ف ض خ".
"روي عن أنس بن مالك قال: "كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، وكان خمرهم يومئذ الفضيخ، فأمر رسول الله مناديًّا ينادي: "ألا إن الخمر قد حرمت" قال: فقال أبو طلحة: اخرج فأَهرقها، فخرجت فأهرقتها، فجرت في سكك المدينة" البخاري 3/ 132 "ووجد المسلمون في مغانم قريظة خمرًا وجرار سُكْر كثيرة فأمر النبي بإهراقها" إمتاع [1]/ 345.
دور للضرب، ولم نعرف أنهم ضربوا العملة لحسابهم في أي من بلاد الدولة الفارسية أو الرومية؛ ولذلك اعتمدوا على العملة الخارجية يؤتى بها من الخارج أو يجلبها الوافدون من التجار من أهل هذه البلاد حين يفدون إلى بلاد العرب يستبضعون منها؛ ولذلك كان العرب في كثير من الأحيان يستعملون الوزن في الذهب والفضة في معاملاتهم[1]. [1] التراتيب الإدارية 1/ 413- 416.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 307