اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 302
الثروات، إذ كان الربا أحيانًا كثيرة يربو على الدين نفسه، فيذهب بأموال الناس. وقد كان العرب واليهود يزاولونه على السواء؛ فقد ذكرت الروايات أن أحيحة بن الجلاح أحد زعماء الأوس كان يتعامل بالربا حتى مع قومه من الأوس حتى كاد يحيط بأموالهم[1]. وقد نزل القرآن يندد باليهود وينعى عليهم أخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل[2].
وقد كان الربا شديد الرسوخ وكان يشغل حيزًا كبيرًا من حياة المدينة والمدن الحجازية بعامة، وكان القضاء عليه أمرًا شاقًّا حتى لقد تدرج القرآن في إبطال التعامل به؛ فبدأ بأن نهى عن الربا الفاحش: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران} ثم نزل بتحريمه تحريمًا كاملًا بعد أن بين أضراره: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ، يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ} [البقرة] .
وحين قامت الدولة الإسلامية في يثرب بعد الهجرة كانت وسائل البيع والتعامل هذه سائدة في المدينة، فأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- يعمل على تنظيمها، وقد ساق أصحاب الحديث أوامر كثيرة أصدرها النبي -صلى الله عليه وسلم- تأمر بعدم استخدام الوسائل غير الشريفة في البيع والشراء والمعاملات، فقد نهى أن يبيع حاضر لباد -أي لا يكون له سمسارًا- لما في ذلك من خداع[3] كما نهى عن تلقي الركبان خارج المدينة، وعن بيع الطعام قبل أن يصل إلى السوق[4]. كما نهى عن الغش واعتبر الغاش خارجًا على الجماعة[5]. كما نهى عن أن يباع الثمر قبل أن يبدو صلاحه[6]. وأمر أن يكون الكيل والوزن هو الأساس في المبايعة [1] الأغاني 13/ 118 "مصر". [2] النساء: 161. [3] البخاري 3/ 72. [4] البخاري 3/ 73. [5] السمهودي1/ 546. [6] البخاري 3/ 75.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 302