اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 300
كل هذه الأسواق كان يباع فيها كل ما تنتجه المدينة من تمر وشعير وطعام وخمر، وحتى الحطب الذي كان يباع فيها يجلبه الحطابون من أشجار المدينة أو من الغابة أو من البادية. كذلك كان يباع فيها ما يجلب إليها من الخارج من منتجات البادية من صوف وشعر ووبر وسمن وأقط. كذلك كانت الأشياء المصنوعة تباع فيها سواء كان ذلك من صناعة المدينة نفسها من حلي وسلاح، وآلات زراعية من مساح ومكاتل وكرازين، أو ما يجلب إليها من الخارج من نبيذ وزيت وحنطة ومنسوجات قطنية وحريرية، ونمارق ملونة مرسومة يبتاعها أهل النعمة واليسار، كما كان هناك عطارون يتاجرون في أنواع العطارة والمسك والروائح العطرية. وكان لكل طائفة من الباعة موضع معلوم في السوق[1].
وإلى جانب البيع والشراء في منتجات الأرض وفي المصنوعات والمجلوبات الخارجية، كان هناك أناس يعملون بالصيرفة ويعتبرونها نوعًا من التجارة؛ فكانوا يبيعون الذهب بالذهب والفضة بالفضة، كما كانوا يقومون باستبدال النقود وكسرها، ولكنهم كانوا يستغلون جهل الناس فلا يظهرونهم على مدى الجودة أو فارق الوزن في الدنانير والدراهم[2].
وكانت السمسرة حرفة يحترفها بعض الناس، فيتولون البيع نيابة عن أصحاب البضائع وبخاصة من أهل البادية، وكثيرًا ما كانوا يستغلون جهل هؤلاء البدو فيخسرونهم، أو يرفعون في السعر أو ينقصون مضاربة[3].
ولم تكن هناك رقابة مفروضة على البيع والشراء وتنظيم التعامل في هذه الأسواق، إذ لم تكن في المدينة هيئة حكومية؛ وإنما كانت المدينة تحيا حياة قبلية تامة؛ فلم تكن لذلك رقابة على ضبط المكاييل وتنظيم البيع والشراء، وحماية السذج من البدو من الوقوع في يد المحتالين والغشاشين ومع أن الكيل والوزن كان موجودًا؛ إلا أن البيع والشراء مجازفة كان أمرًا سائدًا[4]. كما كان من وسائلهم المناجشة في [1] انظر البخاري 3/ 63- 64. السمهودي 1/ 539- 552. الدلالات السمعية: 641- 643. [2] الدلالات السمعية 664. [3] البخاري 3/ 71-72 الدلالات السمعية 653. [4] البخاري 3/ 85-95 الدلالات السمعية 649. "بيع الشيء مجازفة: بيعه دون أن يعلم كيله ولا وزنه. القاموس مادة ج ز ف".
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 300