اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 268
عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ} [البقرة] [1].
وبعد الهجرة كانت قبائل اليهود وبطونهم في حالة واضحة من التفكك، وكان إحساسهم بالترابط منعدمًا؛ فلم يبد أي بطن من بطونهم أي إحساس بالعطف نحو الآخرين حين وقعوا في خلاف مع النبي -صلى الله عليه وسلم.
كل ذلك يقطع بأن العلاقات بين اليهود في يثرب لم تكن حسنة في عصر الهجرة النبوية، وقد سيطرت عليهم المنفعة الشخصية وأهدروا في سبيلها كل مصلحة مشتركة. [1] تفسير الطبري 2/ 305.
2- العلاقات بين العرب واليهود
بدأت العلاقات بين الأوس والخزرج حين قدموا يثرب وبين اليهود، علاقات سلم وجوار، فقد قدم هؤلاء العرب على قوم مستقرين في ديارهم، وبيدهم الأموال والآطام والعدد والقوة، فكان طبيعيًّا أن يقنعوا منهم بالسماح لهم بمجاورتهم والإقامة معهم، ولعلهم لم يكونوا من كثرة العدد والقوة بحيث يخشى اليهود عاديتهم. ومن الجائز أنهم فكروا في الاستفادة من خبرتهم السابقة في الزراعة في مواطنهم باليمن، فاتخذوا منهم عمالًا ومساعدين لهم في دوائرهم الزراعية أو في أعمالهم التجارية. وقنع الأوس والخزرج بهذا من اليهود فنزلوا بينهم وحواليهم؛ ولما كانت الثروة والسلطان في أيدي اليهود ومواليهم من البطون العربية، فقد عاش الأوس والخزرج في جهد وضيق في المعاش؛ إذ لم يكن لهم نعم ولا شاء؛ لأن المدينة ليست بلاد مرعى، فعمل بعضهم مأجورًا في مزارع اليهود، ومن عمل لحسابه لم يكن له إلا الأعذاق اليسيرة والمزرعة يستخرجها من أرض موت[1].
وأقام اليهود والعرب على ذلك مدة طويلة يسودهم الوئام والوفاق، ويتحدث السمهودي عن دور الوفاق بين الطرفين، فيقول: وأقامت الأوس والخزرج بالمدينة، ووجدوا الأموال والآطام والنخيل في أيدي اليهود، ووجدوا العدد والقوة معهم، [1] الأغاني 19/ 69 "طبعة مصر" ابن خلدون 2/ 287، السمهودي 1/ 125.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 268