اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 197
أكثر من أثر اليهودية؛ فإن بعض رجال مكة الذين تبرموا بالوثنية وخرجوا عليها تنصروا، أمثال ورقة بن نوفل، وعثمان بن الحويرث[1]. [1] ابن هشام [1]/ 243.
ب- اليهود:
وفي السور المكية كذلك آيات كثيرة تتحدث عن موسى وفرعون وأحداث بني إسرائيل، مما يدل على أن رسالة موسى كانت موضع جدل كبير بين مشركي مكة والنبي -صلى الله عليه وسلم- وفي الحفاوة البالغة بهذا ما يدل على وجود صلات قوية بين اليهود وبين المكيين، وكذلك تدل الآيات على وجود إسرائيليين في مكة، وآية الأحقاف: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ} [الأحقاف] {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الشعراء] .
تقطعان بذلك إذ إن الأولى تحتوي شهادة واقعية من أحد بني إسرائيل بصحة ما يوحى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وإيمانه به، كما تقطع الثانية بأن علماء بني إسرائيل يقرون بأن ما جاء به مماثل لما يعلمون.
وقد ذكرت كتب السير والتراجم صلة بعض اليهود بالمكيين ومحالفتهم لهم وإقامتهم بمكة للاتجار[1]. إلا أنه من الراجح أنه لم تكن في مكة جالية يهودية كبيرة؛ حيث لم يذكر القرآن المكي احتكاكًا ولجاجًا بينهم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- كما حدث في يثرب، ومن المحتمل أن المستقرين منهم بمكة كانوا أفرادًا قلائل.
ومع وجود عدد كبير من الأجانب في مكة إلا أنهم لم يكونوا يؤلفون كيانًا مكتملًا ذا أثر إيجابي واسع في مكة، والراجح أن عدد الأحرار منهم لم يكن يتجاوز المئات القليلة، وأن تنوع جنسياتهم وحالتهم وظروف هجراتهم وحداثة بعضها لم تكن تساعد على تكوين هذا الكيان المكتمل[2]، بدليل أنه لم يكن لهم أثر في حياة مكة السياسية كما كان شأن الإسرائيليين في يثرب. [1] ابن سعد 1/ 144. أنساب الأشراف 1/ 73. ابن كثير 2/ 267. [2] دروزة، عصر النبي ص 103.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 197