اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 196
شماسًا زار مكة في الجاهلية[1]، وكان يعيش في مَرّ الظهران راهب مسيحي[2]. كما كان في مكة نساء نصرانيات تزوجهن أهل مكة[3].
وتلهم الآيات القرآنية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد اتصل بهؤلاء النصارى ودعاهم إلى التصديق برسالته[4]، وأن منهم من كان ذا سعة في المال يمكنه أن ينفق في عمل الخير[5]، وأن منهم من كان قوي الشخصية والنفس بحيث لا يبالي بلوم المشركين[6]، وعلى ذلك فهم ليسوا بأرقاء، وأن منهم من كان متميزًا في ثقافته الدينية، بحيث كان أهلًا للرجوع إليه والاستشهاد به في أمر الرسالة المحمدية[7]، وهذا الفريق لم يكن نكرة في أوساط مكة بل كان موضع ثقة ومرجع استفتاء في أمور الدين والدنيا، وأن منهم من كان مجادلًا حجاجًا بل متطرفًا في جداله. ولكنهم بوجه عام كانوا رقيقي العاطفة دمثي الأخلاق، جريئين في إظهار الحق، لا يبالون أهل مكة وزعماءها الأقوياء.
وليس في الإمكان تحديد الزمن الذي نزح فيه هؤلاء إلى مكة واستقروا فيها، ولكن آية النحل: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل] تلهم أن بعض هؤلاء كانوا حديثي عهد بمكة، ومن المحتمل أنهم جاءوا قبيل البعثة، فكانوا لا يزالون يتكلمون لغة عربية سقيمة، أو لا تزال لغتهم الأجنبية مستعملة عندهم. وقد كان أثر النصرانية في مكة [1] ابن هشام 1/ 349- أسد الغابة 375. [2] السيرة الحلبية 1/ 75 ابن كثير 2/ 272 "كان بمر الظهران راهب من الرهبان يدعى عيصًا من أهل الشام، وكان متخفرًا بالعاص بن وائل، وكان الله قد آتاه علمًا كثيرًا، وجعل فيه منافع كثيرة لأهل مكة من طب ورفق وعلم". [3] الأغاني 1/ 66- 67. [4] انظر سورة الأعراف 157، يونس 94، الحج 4. [5] انظر سورة القصص 52، 54. [6] انظر سورة سبأ 6، الإسراء 107، 109. [7] انظر سورة النحل 43.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 196