اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 176
بخليج العرب ثم العراق، ويمنعونها من الوصول إلى أيدي أعدائهم أو يبيعونها لهم بأثمان باهظة، فكانت بيزنطة تعتمد على تجارة مكة وخاصة الحرير، حتى ليستظهر بعض المؤرخين الغربيين أنه كان في مكة بيوت تجارية رومية تزاول التجارة للروم، كما كان فيها أحباش يرعون مصالح قومهم[1]. وكانت القوافل التي تقصد الشام تتسوق من أسواق عينتها لها الحكومة البيزنطية؛ لتحصل منها على الضرائب ولتراقب الوافدين الأجانب إلى بلادها، فكانت تنزل أيلة -العقبة- ومنها إلى غزة حيث تتصل بتجار البحر المتوسط، ومن غزة يذهب بعض التجار إلى بُصرى وإلى بيت المقدس[2].
كما كان لمكة صلات قوية بالحبشة عن طريق البحر الأحمر، ولا بد أن أهل مكة كانوا يستعملون البحر في نقل متاجرهم إلى الحبشة عن طريق ميناء الشعيبة - وكانت الشعيبة ميناء مكة، إليها ترد السفن قبل جدة، ثم أخذت جدة موضعها في أيام الخليفة عثمان بن عفان[3]- أو بعض مواني اليمن القريبة، ويظهر من روايات الأخباريين أن أهل مكة كانوا يستعملون هذا المرفأ والمرافئ القريبة منهم؛ للاتصال بالحبشة والمواني الأفريقية المقابلة لهم، فلا يدفعون ضرائب المرور من أرضين تقع في اليمن وهي منافسة لهم، ولا يحتاجون إلى وضع حماية قوية على القوافل لمرورها بين قبائل عديدة إذا استعملوا مواني اليمن، فتكلفهم أسعارًا مرتفعة. ثم إن اليمن بعد زوال الأحباش عنها كانت في حكم حاكم فارسي، ولا بد أن تتأثر تجارة اليمن بالحبشة بهذا التغير في الحكم، ولا بد أن يؤثر ذلك في المواني اليمنية وهي أبواب التجارة مع أفريقيا[4].
أما أهل مكة فكانوا تجارًا محايدين علاقتهم حسنة مع الروم ومع الفرس، وكان من مصلحتهم الوقوف على الحياد، ولهذا كان من مصلحتهم الاستفادة من المواني القريبة منهم في التجارة مع الحبشة، ولا يستبعد استخدام أهل اليمن هذه المواني. [1] Olear , op. cit. pp 184 فجر الإسلام 15. [2] البخاري 1/ 4 ابن الأثير 2/ 10 فجر الإسلام 15. [3] ياقوت 11/ 351 الطبري 2/ 69، جواد علي 4/ 203، جورج فضلو: العرب والملاحة ص4. [4] جواد علي 4/ 204.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 176