اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 125
في الجاهلية تستعين بالسودان في الدفاع عن حريتها. وهو قول مردود؛ فإن الأحابيش كانوا بطونًا من القبائل العربية الضاربة حول مكة من كنانة وخزيمة بن مدركة وخزاعة، تجمعوا وتحالفوا معًا، وأخذوا في الاندماج والتكتل في طريقهم إلى تكوين قبيلة عربية بواسطة الحلف الذي كان سببًا في تكوين كثير من القبائل العربية القديمة، ثم تحالفوا مع قريش في النصف الثاني من القرن السادس[1] وقد ظلوا طوال عصر النبوة قوة عربية لها كل خصائص القبيلة؛ من سيد يتزعمها [2]، وأرض تنزلها، وراية تحف بها عند الحرب, وأنها كانت من حيث علاقاتها السياسية مع قريش تنزل منها منزلة الحليف من الحليف والند من الند، وأنها كانت مسموعة الكلمة في الشئون العامة لقريش[3]. وقد استخدمت قريش قوة الأحابيش في الحرب التي خاضتها، وكانت قوة الأحابيش ذات أثر كبير في الحروب التي وقعت بين مكة ويثرب في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إن قريشًا حين خرجت بمفردها في موقعة بدر منيت بهزيمة شديدة. وقد عرف النبي -صلى الله عليه وسلم- كيف يفل قوة الأحابيش التي كانت تعتز بها قريش؛ بأن اجتذب إلى جانبه القبائل التي كانت تنتمي إليها أحياء الأحابيش. كما غزا بعض هذه البطون[4]، وبذلك انكسرت شوكة الأحابيش وانتهى حلفهم نهائيًّا بعد فتح مكة[5].
كما كان لقريش عدد كبير من العبدان والموالي الذين يقاتلون في صفوفها[6]، ولم تكن قوة قرش الذاتية التي تستطيع أن توجهها إلى ميدان القتال لتزيد على ألف ونصف من المحاربين, ولكنها كانت تستطيع أن توجه إلى القتال أربعة آلاف مقاتل وقوة من الفرسان لا تزيد عن أربعمائة، إذا انضم إليها أحابيشها ومواليها وحلفاؤها من قبائل [1] انظر ابن الأثير 1/ 358، 365. العقد الفريد 3/ 340. نسب قريش ص 9. [2] ابن هشام 3/ 44، 360. [3] نفسه 3/ 360. ابن الأثير 1/ 362. [4] ابن هشام: "اجتذب النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى جانبه قبائل خزاعة، فيروي ابن إسحاق أن خزاعة كان مسلمهم ومشركهم عيبة نصح رسول الله -صلى الله عليه وسلم، أي موضع سره- بتهامة. صفَّهم معه-هواهم له- لا يخفون عنه شيئًا "3/ 53" كما أن غفارًا -وهي من كنانة، وأسلم وهي من خزاعة- أخذتا جانبه " 3/ 394، 4/ 26". وكذلك غزا بني المصطلق ثم صالحهم وضمهم إلى جانبه "3/ 373، 340". [5] انظر عن الأحابيش. العبادي: صور من التاريخ الإسلامي 1/ 13- 21. [6] البخاري 3/ 147.
اسم الکتاب : مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول صلى الله عليه وسلم المؤلف : أحمد إبراهيم الشريف الجزء : 1 صفحة : 125