ولا أنسى أن أنوّه[1] بدراسة جيدة بدأت في هذا الجانب لبعض المهتمين بقضايا الدعوة الإسلامية في هذا العصر[2]، ولكن الأمر يحتاج إلى المزيد الذي يغطي جوانب هذه السيرة تغطية كاملة.
وإغفال هذا الجانب التحليلي في دراسة السيرة النبوية خطأ جسيم في حق السيرة، وترك لواجب يفرضه الواقع المعاصر، وتقتضيه حاجة الأجيال الملحة.
ب - كلمة عن السيرة وضرورة التكامل في دراستها:
لفظ السيرة يراد به في اللغة: السنة والطريقة والهيئة، يقال: سار بهم سيرة حسنة، وسار في الناس سيرة حسنة أو قبيحة3.
والسيرة على هذا تشمل في مدلولها اللغوي المنهج والطريقة التي يتبعها الراعي في رعيته، والرجل في أهله4.
كما تطلق السيرة على الهيئة والحالة.
وبتأمل إطلاقات العلماء للفظ السيرة، يظهر أن السيرة مرّت في مدلولها الاصطلاحي بتطورات علمية بارزة، فبالنظر في صنيع العلماء الذين عنوا بتسجيل غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسراياه، وما يتبع ذلك من شؤون الحرب بين المسلمين وأعدائهم في العهد الأول، مثل عروة بن الزبير وأبان[5] بن عثمان بن عفان، ومحمد بن شهاب الزهري، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم. [1] نوهت بالشيء، ونوهته تنويهاً رفعته ونوهت باسمه، رفعت ذكره. (لسان العرب 17/442) [2] وذلك مثل: فقه السيرة للغزالي، وفقه السيرة للبوطي، والسيرة النبوية للندوي، والسيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة لأبي شهبة، ودراسة في السيرة للدكتور عماد الدين خليل، والسيرة النبوية دروس وعبر للدكتور مصطفى السباعي، وخاتم النبيين لمحمد لأبي زهرة، وسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لمحمد عزة دروزة. ولكن الموضوع بحاجة إلى جهود أكثر.
(لسان العرب لابن منظور 6/56) ، و (مختار الصحاح لمحمد بن أبي بكر الرازي ص 325) ، و (المصباح المنير لأحمد ابن محمد الفيومي 1/353) ، و (القاموس المحيط لمحمد بن يعقوب الفيروزآبادي 2/54) .
(دي الساري: لأحمد بن علي بن حجر العسقلاني ص136) . [5] وفاته سنة (105هـ) . (التقريب 1/31) .