قال البيهقي: "الأعمى هو الزَّبِيْر بن باطا القرظي"[1].
وأورد الطحاوي حديث أبي موسى الأشعري في بعث أبي عامر إلى أوطاس وفيه "فلقي دريد بن الصمة، فقتل دريد وهزم الله أصحابه".
ثم قال: قال أبو جعفر: "فذهب قوم إلى هذا، فقالوا: لا بأس بقتل الشيخ الكبير في الحرب، فاستدلوا على ذلك بحديث ابن إسحاق في قتل ربيعة بن رفيع دريدا، ثم قال: قالوا: فلما قتل دريد، وهو شيخ كبير فانٍ لا يدافع عن نفسه، فلم يعب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم، دل ذلك أن الشيخ الفاني يقتل في دار الحرب، وأن حكمه في ذلك حكم الشبان لا حكم النسوان.
ثم قال: وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا: لا ينبغي قتل الشيوخ في دار الحرب، وهم في ذلك، كالنساء والذرية، ثم أورد ما استدلوا به من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الشيوخ والنساء، ثم قال: فدل ذلك أن من أبيح قتله هو الذي يقاتل، ولكن لما روى حديث دريدا هذا، وهذه الأحاديث الأخر، وجب أن تصحح، ولا يدفع بعضها ببعض".
فالنهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل الشيوخ في دار الحرب ثابت في الشيوخ الذين لا معونة لهم على شيء من أمر الحرب، من قتال ولا رأي.
وحديث دريد على الشيوخ الذين لهم معونة في الحرب، كما كان لدريد فلا بأس بقتلهم وإن لم يكونوا يقاتلون لأن تلك المعونة التي تكون منهم أشد من كثير من القتال، ولعل القتال لا يلتئم لمن يقاتل إلا بها، فإذا كان ذلك كذلك قتلوا.
ثم أورد حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة فقال: "ما كانت هذه تقاتل" [2].
أي فلا تقتل، فإنها لا تقاتل، فإذا قاتلت قتلت، وارتفعت العلة التي لها منع من قتلها. [1] السنن الكبرى للبيهقي 9/92 وانظر قصة الزبير بن باطا مفصلة في سيرة ابن هشام 2/242-243. [2] انظر: الحديث في أبي داود 2/49و50 كتاب الجهاد باب في قتل النساء.