responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 303
في هذه الساعة الحرجة، وأن يضمّهم إلى المشركين في قتالهم الذي أعلنوه، وجعلوا الغاية منه ألا يبرحوا حتى يستأصلوا محمّدا ومن معه، ومضيّا في هذه الخطة الجائرة الخسيسة أحضرت بنو قريظة الصحيفة التي كتب فيها الميثاق فمزّقتها، فلما بعث النبي عليه الصلاة والسلام رجاله ليستجلوا موقف بني قريظة بإزاء عدوان الأحزاب قالوا: من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد!.
وحاول سعد بن معاذ أن يذكّرهم بعقدهم فتصامّوا عنه.
فلمّا خوّفهم عقبى الغدر، وذكر لهم مصير بني النضير، قالوا له: أكلت ذكر أبيك.
وتبيّن أنّ حرص بني قريظة الأول على التزام العهد كان خوفا من عواقب الغدر فقط، فلما ظنت أن المسلمين أحيط بهم من كل جانب، وأنّها لن تؤاخذ على خيانة، أسفرت عن خيانتها، وانضمت إلى المشركين المهاجمين.
ووجم المسلمون حين عادت رسلهم تحمل هذه الأنباء المقلقة، وربت مشاعر الكره في صدورهم لأولئك اليهود؛ حتى لأصبحوا أشوه أمام أعينهم من عبّاد الأصنام، ووعوا أتم الوعي أن بني إسرائيل أقدموا على قرارهم هذا وهم يعلمون معناه وعقباه، يعلمون أنه محاولة متعمدة للإجهاز على هذه الأمة ودينها، وتسليمها إلى من يقتل رجالها، ويسترق نساءها، ويبيع ذراريها في الأسواق.
وتقنّع الرسول عليه الصلاة والسلام بثوبه حين أتاه غدر بني قريظة، فاضطجع، ومكث طويلا، حتى اشتدّ على الناس البلاء، ثم غلبته روح الأمل، فنهض يقول: «أبشروا بفتح الله ونصره» ! وفكر في أن يردّ عن المدينة بعض القبائل التي فرضت الحصار لقاء ثلث الثمار يبذله لها ويتقي به شرها، وكاد يصل في مفاوضاته مع قواد غطفان إلى هذا الحل.
ولكن سادة الأوس والخزرج عزّ عليهم أن يرضوا به، وقدّروا للنبي عليه الصلاة والسلام شفقته عليهم، وألمه لاجتماع العرب ضدّهم؛ بيد أنهم قالوا: ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم، وطال الحصار.
قال موسى بن عقبة: وأحاط المشركون بالمسلمين، حتى جعلوهم في مثل الحصن من كتائبهم، فحاصروهم قريبا من عشرين ليلة، وأخذوا بكلّ ناحية حتى

اسم الکتاب : فقه السيرة المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 303
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست