responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة المؤلف : البوطي، محمد سعيد رمضان    الجزء : 1  صفحة : 272
جاء في المدوّنة وهو من رواية سحنون عن مالك رضي الله عنه قوله:
«قلت أرأيت إذا أقر بشيء من الحدود بعد التهديد أو القيد أو الوعيد أو الضرب أو السجن، أيقام عليه الحد أم لا؟ قال: قال مالك: من أقر بعد التهديد أقيل، فالوعيد والقيد والتهديد والسجن والضرب تهديد عندي كله وأرى أن يقال» ثم قال: «قلت فإن ضرب وهدد فأقرّ فأخرج القتيل أو أخرج المتاع الذي سرق، أيقيم عليه الحدّ فيما أقر به أم لا وقد أخرج ذلك؟ قال: لا أقيم عليه الحد إلا أن يقرّ بذلك آمنا لا يخاف شيئا» [61] .
3- دلنا حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم لحاطب وجوابه له، ثم القرآن الذي نزل بسببه، على أنه لا يجوز للمسلمين- في أي ظروف كانوا- أن يتخذوا من أعداء الله تعالى أولياء لهم يلقون إليهم بالمودة، أو أن يمدوا نحوهم يد الإخاء والتعاون، وذلك رغم ما كان قد اعتذر به حاطب من أنه لصيق بقريش ليس له فيها شيعة تدافع عنه أو يحتمي بها، فهو يريد أن يتخذ عندهم يدا يحتمي بها، عندما يحتمي غيره بما له بينهم من قرابة وأهل.
إن الآيات القرآنية نزلت صريحة تأمر المسلمين أن يجعلوا ولاءهم لله وحده، وأن يقيموا علاقاتهم مع الناس، أيّا كانوا، على أساس ما يقتضيه ولاؤهم لهذا الدين الحنيف والإخلاص له وإلا كيف يتصور أن يضحي المسلمون بأموالهم وأنفسهم وشهواتهم وأهوائهم في سبيل الله تعالى؟!.
وتلك هي مشكلة كثير ممن يعدون أنفسهم مسلمين في هذا العصر.
يقبلون إلى المساجد للصلاة، ويتمتمون بالكثير من الأذكار والأوراد، وتظل مسابحهم تطقطق حباتها في أيديهم، ولكنهم يقيمون علاقاتهم مع الناس على أساس الولاء للأهل والعشيرة، أو مصلحة المال والدنيا، أو وحي الشهوات والأغراض. ولا يهمّهم أن يبيعوا بذلك الحق بالباطل أو أن يجعلوا من دين الله غلافا للأماني الدنيوية الحقيرة! ..
أولئك هم المنافقون الذين بسببهم يعاني المسلمون من صنوف التأخر والتفرق والضعف، وتلك هي الواجهة التي تقام في كل مرة في وجه المؤامرات المختلفة التي تحاك ضدّ إسلام المسلمين ودينهم! ..

ثالثا- أمر أبي سفيان وموقف رسول الله صلّى الله عليه وسلم منه:
والعجيب في أمر أبي سفيان يوم الفتح، أن يكون هو أول وطليعة المحذرين لقومه من قتال رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأن يكون في مقدمة الداخلين في دين الله أفواجا يومئذ، وهو الذي لم تخرج غزوة من مكة لحرب رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إلا بإشرافه وتوجيهه وتهييجه! ..
ولعل الحكمة الإلهية شاءت أن تفتح مكة بدون قتال يذكر، وأن يدين أهلها

[61] المدونة: 16/ 93
اسم الکتاب : فقه السيرة النبوية مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة المؤلف : البوطي، محمد سعيد رمضان    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست