اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 338
قال النووي: فيه أن من مات على الكفر فهو في النار، ولا ينفعه قرابة المقربين. وفيه: أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان فهو في النار، وليس في هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء.
له البتة، انتهى.
وفي الثالث نظر؛ لأنه لو كان كذلك لما كان السؤال عن الأب الكريم وجه إذ الفرق لائح؛ لأن أباه بلغته البعثة والأب الشريف لم تبلغه، اللهم إلا أن يجاب بأن الأعرابي توهم أنه لا يكفي بلوغ البعثة حتى يشاهد النبي ولا ينكر هذا منه؛ لأنه لم يكن حينئذ تفقه في الدين بل لم يكن أسلم؛ كما صرح به في حديث سعد وابن عمر.
"قال النووي فيه" أي: حديث مسلم، إفادة " أن من مات على الكفر، فهو في النار ولا ينفعه قرابة المقربين" قال السيوطي: ينبغي عندي أن النووي أراد الحكم على أبي السائل وكلامه ساكت عن الحكم على الأب الشريف، "وفيه" أيضًا إفادة أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان، فهو في النار" ووجه استفادة هذا منه أن أبا الأعرابي كان في الفترة بدليل سؤاله عن الأب الكريم، "وليس في هذا مؤاخذة قبل بلوغ الدعوة، فإن هؤلاء كانت بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الأنبياء" وهذا خلاف ما أطبقت عليه الأشاعرة من أهل الكلام والأصول والشافعية من أن أهل الفترة لا يعذبون؛ كما تقدم بسطه وقد ورد السيوطي كلام النووي هذا، بما محصله: أنا لو اعتبرنا مطلق وجود بعثة الأنبياء لاستحال وجود من تبلغهم الدعوة إذ ما من فترة إلا وقبلها نبي إلى آدم وهو أول الأنبياء، ولسقطت الأحاديث والآثار الواردة في أهل الفترة بأسرها على كثرتها وصحتها، ولحكم عليهم أجمعين بأنهم في النار من غير امتحان.
وفي هذا إلغاء ورد للأحاديث الصحيحة بلا دليل كيف وفي حديث ثوبان: "إذا كان يوم القيامة جاء أهل الجاهلية يحملون أوثانهم على ظهورهم"، وذكر بقية الحديث في الامتحان، فهذا نص في المسألة وإذا لم يكن أهل الفترة هم الذين لم تبلغهم الدعوة، فليت شعري من هم وهل يمكن أن يوجد في الأرض من لم يبلغها، أن الله بعث نبيًا لدن آدم وبعثة أنبياء الله ووقائعهم مع أممهم وإهلاكاتهم مشهورة، ولو لم يكن إلا بعثة نوح وإقامته ألف سنة، والطوفان الذي غرق أهل الأرض جميعًا لكفى على أن العرب ما كانوا مكلفين بشريعة إبراهيم ولا غيره؛ كما دلت عليه الأحاديث وبه صرح القرآن، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] ، وقال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} [الأنعام: 92، 155] الآيتين. أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد، قال: الطائفتين اليهود
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 338