responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 337
.........................................

مالك، ومن حديث ابن عمر.
أخرج البيهقي والبزار والطبراني في الكبير بسند رجاله رجال الصحيح، عن سعد بن أبي وقاص: أن أعرابيًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أين أبي؟ قال: "في النار"، قال: فأين أبوك؟ قال: "حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار"، زاد الطبراني: فأسلم الأعرابي بعد، فقال: لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبًا، ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار.
وروى ابن ماجه عن ابن عمر، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان، فأين هو؟ قال: "في النار" فكأنه وجد من ذلك، فقال: أين أبوك أنت؟ فقال: "حيثما مررت بقبر كافر، فبشره بالنار" فأسلم الأعرابي بعد، فقال: لقد كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبًا، ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار، فبين أن السائل أعرابي وهو مظنة خشية الفتنة والردة والمصطفى كان إذا سأله أعرابي وخاف من إفصاح الجواب له فتنته واضطراب قلبه، أجاب بجواب فيه تورية وإيهام وهذا كذلك إذا لم يصرح فيه بالأدب الكريم، إنما قال: حيثما مررت ... إلخ، وهذه جملة لا تدل بالمطابقة على ذلك فكره صلى الله عليه وسلم أن يفصح له بحقيقة الحال ومخالفة أبيه لأبيه في المحل الذي هو فيه خشية ارتداده لما جلبت عليه النفوس من كراهة الاستئثار عليها، ولما كانت عليه العرب من الجفاء وغلظ القلوب، فأورد له جوابًا موهمًا تطمينًا لقلبه، فتعين الاعتماد على هذا اللفظ وتقديمه على غيره وقد أوضحت الزيادة، بلا شك أن هذا اللفظ العام هو الصادر من النبي صلى الله عليه وسلم ورآه الأعرابي بعد إسلامه أمرًا مقتضيًا للامتثال فلم يسعه إلا امتثاله، ولو كان الجواب باللفظ الأول لم يكن فيه أمر بشيء البتة، فعلم أنه تصرف الرواة وأن هذه الطريق في غاية الإتقان.
ولذا قال بعض الحفاظ: لو لم نكتب الحديث من ستين وجهًا ما عقلناه، أي: لاختلاف الرواة في إسناده وألفاظه، فهذا الحديث معلل من هذه الحيثية وليس ذلك قد حافى صحته من أصله بل في هذه اللفظة فقط، ثم لو فرض اتفاق الرواة على لفظ مسلم كان معارضًا بالأدلة القرآنية والأدلة الواردة في أهل الفترة والحديث الصحيح إذا عارضه أدلة أخرى وجب تأويله وتقديم تلك الأدلة عليه؛ كما هو مقرر في الأصول، انتهى ملخصًا.
وقد تقدم تأويله، فإن قيل: حيث قررت أن أهل الفترة لا يقضى عليهم بشيء حتى يمتحنوا، فكيف حكم صلى الله عليه وسلم على أبي السائل بأنه في النار؟ أجاب السوطي: بجواز أنه يعصي عند الامتحان وأوحى إليه بذلك فحكم بأنه من أهل النار وبأن حديثه متقدم على أحاديث أهل الفترة، فيكون منسوخًا بها وبجواز أنه عاش حتى أدرك البعثة، وبلغه وأصر ومات في عهده وهذا لا عذر
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    الجزء : 1  صفحة : 337
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست