اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 33
فيض فضله الساري، فمنحني صاحب هذه المنح من مصون حقائقه، وأبرز لي مما أكنه من مكنون رقائقه، فانفتحت بالفتح المحمدي عين بصيرة الاستبصار، وتنزه الناظر في رياض ارتياض رقائق الأسرار، فاستجليت من أبكار مخدرات السنة النبوية من كل صورة معناها، واقتبست من تلألؤ مصباح مشكاة المعارف من كل بارقة أضواها،
..............
"الباري" أي: من عطاء الله تعالى وفيه تورية بذكر اسم الكتاب الذي هو شرح الحافظ ابن حجر على البخاري، فالأخذ منه من جملة عطاء الله ولا يشك من أحاط بهذا الكتاب. وبشرح البخاري للحافظ أن نحو نصف هذا الكتاب منه بعزو ودونه "فيض" مصدر فاض الماء، كثر حتى سال كالوادي. "فضله الساري فمنحني صاحب هذه المنح من مصون"، وزنه مفعول نقص العين كما في المصباح، أي: محفوظ.
"حقائقه" جمع حقيقة وقد مر معناها لغة، وإنها عند أرباب السلوك العلوم المدركة بتصفية الباطن "وأبرز" أظهر ظهورًا تامًا، وأصله جعله على براز بالفتح، أي: مكان مرتفع، "لي مما أكنه" أخفاه "من مكنون رقائقه" جمع رقيقة، وهي اللطيفة الروحانية، وتطلق على أواسطة اللطيفة الرابطة بين الشيئين، كالمدد الواصل من الحق إلى العبد، وتطلق الرقائق على علوم الطريقة والسلوك، وما يلطف به سر العبد وتزول كثافة النفس، "فانفتحت بالفتح المحمدي عين بصيرة الاستبصار"، قال ابن الكمال: البصيرة قوة للقلب المنور بنور القدس، ترى حقائق الأشياء وبواطنها بمثابة البصر للعين ترى به صورة الأشياء وظاهرها. وقال الراغب: البصر الجارحة كلمح البصر والقوة التي فيها، ويقال لقوة القلب المدركة بصيرة وبصر، ولا يكاد يقال للجارحة بصيرة، انتهى.
"وتنزه الناظر في رياض" أصل التنزه التباعد عن المياه الأرياف، ومنه فلان يتنزه عن الأقذار، أي: يباعد نفسه عنها، ولذا قال ابن السكيت: قول الناس إذا خرجوا إلى البساتين خرجنا نتنزه غلط قال ابن قتيبة: وليس بغلط، لأن البساتين في كل بلدة إنما تكون خارج البلد، فإذا أراد أحد أن يأتيها فقد أراد البعد عن المنازل والبيوت، ثم كثر هذا حتى استعملت النزهة في الخضر والجنان، انتهى. "ارتياض رقائق الأسرار" جمع سر وهو الحديث المكتتم في النفس، وكنى به عن النكاح السر من حيث إنه يكتم، واستعير للخالص، فقيل: هو في سر قومه.
"فاستجليت من أبكار" جمع بكر خلاف الثيب رجلا كان أو امرأة، كما في المصباح "مخدرات" مستورات، "السنة النبوية من كل صورة" تمثال، "معناها واقتبست" أصبت "من تلألؤ مصباح" القنديل أو الفتيلة مأخوذة من الصباح أو الصباحة "مشكاة المعارف من كل بارقة أضواها" أكثرها ضوءا والبارقة، لغة كل ما لمع، والسيف للمعانه وفي اصطلاح الصوفية لائحة
اسم الکتاب : شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية المؤلف : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي الجزء : 1 صفحة : 33