4- وكذلك ما كان من أبى بكر رضى الله عنه من التصديق الكامل بكل ما يقوله النبى صلى الله عليه وسلم منذ أول دعوته، حتى شهد له بذلك صلى الله عليه وسلم بقوله: "إن الله بعثنى إليكم فقلتم كذبت، وقال أبو بكر: صدق، وواسانى بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لى صاحبى؟ مرتين…" [1] .
... وبالجملة: فقد كانت هيئته صلى الله عليه وسلم تدل على مبلغ مكانته من الصدق، ودليلاً كافياً على صدق دعواه الرسالة، وعصمته فى كل ما يبلغه من وحى الله عز وجل، يعرفه بذلك كل من صفت فكرته، وتجرد عن الأنانية كما كان من الحبر عبد الله بن سلام رضى الله عنه [2] فإنه ما إن رآه عند مقدمة المدينة حتى استيقن صدقه كما قال: "لما قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل [3] الناس إليه، وقيل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت فى الناس لأنظر إليه، فلما استبنت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وكان أول شئ تكلم [1] أخبره البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبى بكر بعد النبى صلى الله عليه وسلم 7/22 رقم 3661. [2] ابن الحارث الإسرائيلى، ثم الأنصارى الخزرجى بالولاء، كان أحد أحبار يهود، شهد شهادة الحق ولم يكابر أو يعاند، ونزل فى فضله آيات من كتاب الله تعالى منها قوله تعالى: {وشهد شاهد من بنى إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم} جزء من الآية 10 الأحقاف، وقوله: {ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيداً بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب} الآية 43 الرعد، وشهد له النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة وهو حى، توفى سنة 43هـ له ترجمة فى: أسد الغابة 3/265 رقم 2986، والاستيعاب 3/921 رقم 1561، وتذكرة الحفاظ 1/26 رقم 12. [3] أى: ذهبوا مسرعين نحوه. النهاية فى غريب الحديث 1/270.