وليس يمتنع أن يكون الوزر فى الآية ثقل الوحي، كما قال عز وجل: {إنا سنلقى عليك قولاً ثقيلاً} [1] وعبء التبليغ، وثقل الدعوة، حيث كان الاهتمام بهما يقض مضجعه، حتى سهلهما الله تعالى عليه، ويسرهما له، ويقوى هذا التأويل، سياق الآية الواردة فى مقام الامتنان عليه صلى الله عليه وسلم وقوله عز وجل: {فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً} [2] والعسر بالشدائد والغموم أشبه، وكذلك اليسر بتفريج الكرب، وإزالة الغموم والهموم أشبه [3] .
فإطلاق الوزر من باب الاستعارة التصريحية كما هو معلوم. وفى قراءة ابن مسعود وحللنا عنك وقرك [4] والوقر الحمل، وهذه القراءة تؤيد ما قررناه [5] .
أن "الوزر" و"الغفران" فى الآيتين مجازاً عن العصمة، والمعنى: عصمناك عن الوزر الذى أنقض ظهرك، لو كان ذلك الذنب حاصلاً، كما قال عز وجل: {ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شئ} [6] وقوله عز وجل: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذى أوحينا إليك لتفترى علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً. ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً} [7] والمعنى: لولا عصمتنا ورحمتنا لأتيت ما تذم عليه، على فرض الإمكان، لا على فرض الوقوع على ما سبق شرحه [8] . [1] الآية 5 المزمل. [2] الآيتان 5، 6 الشرح. [3] ينظر: تنزيه الأنبياء للموسوى ص114، 115 بتصرف، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير 8/452، ومفاتيح الغيب للرازى 32/ 4، وشرح الزرقانى على المواهب 9/15، 16، وخواطر دينية لعبد الله الغمارى ص178، وعصمة الأنبياء فى الكتاب والسنة والرد على الشبهات الواردة عليها لمحمد الناجى ص287، 288. [4] أخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره 10/3445 رقم 19390. [5] ينظر: دلالة القرآن المبين لعبد الله الغمارى ص172. [6] الآية 113 النساء. [7] الآيتان 73، 74 الإسراء. [8] ص117.