زجرتها، فنهضت فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها عثان [1] ساطع فى السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذى أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا فركبت فرسى حتى جئتهم، ووقع فى نفسى حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم، أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية. وأخبرتهم أخباراً ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع، فلم يرزآنى [2] ولم يسألانى إلا أن قال: أخف عنا. فسألته أن يكتب لى كتاب أمن [3] ، فأمر عامر بن فهيرة رضى الله عنه [4] فكتب فى رقعة من آدم [5] ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم" (6) [1] أى دخان من غير نار، وجمع عثان، عواثن، على غير قياس، ينظر: النهاية فى غريب الحديث 3/166، وفتح البارى 7/284 رقم 3906. [2] أى لم يأخذا منى شيئاً، يقال رزأته أرزؤه، وأصله النقص. النهاية 2/199. [3] أى كتابا يكون موادعة، وآية بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما جاء فى رواية ابن إسحاق، ينظر: السيرة النبوية لابن هشام 2/112 نص رقم 516، والنهاية 1/70. [4] وفى رواية ابن إسحاق أن الذى أمر بالكتابة الصديق رضى الله عنه ينظر: السيرة النبوية لابن هشام المواضع السابقة. وعامر بن فهيرة صحابى جليل له ترجمة فى: أسد الغابة 3/134 رقم 2724، والاستيعاب 2/796 رقم 1338. [5] هو باطن الجلد الذى يلى اللحم، مختار الصحاح ص10، والقاموس المحيط 4/72، وفى رواية لابن إسحاق "فكتب لى كتاباً فى عظم أو فى رقعة أو فى خرقة، ثم ألقاها إلىَّ فأخذته فى كنانتى. السيرة النبوية لابن هشام 2/112 نص رقم 516.
(6) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة 7/281 رقم 3906، ومن حديث أنس بن مالك رضى الله عنه فى الأماكن السابقة نفسها برقم 3911، وأخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الزهد، باب حديث الهجرة 9/372، 373، رقم 2009 من حديث البراء بن عازب رضى الله عنه.