وتمتد عناية الله عز وجل وعصمته لنبيه صلى الله عليه وسلممن محاولة سراقة بن مالك [1] النيل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالقتل أو الأسر للحصول على الدية التى رصدها كفار قريش (مائة ناقة لمن يأتى برسول الله صلى الله عليه وسلم" قتيلاً أو أسيراً وكما جاء على لسان سراقة بعد أن تتبع أثرهم قال: "حتى إذا دنوت منهم، (أى اقترب من رَكْبِه صلى الله عليه وسلم) فعثرت بى فرسى، فخررت عنها، فقمت فأهويت يدى إلى كنانتى فاستخرجت منها الأزلام [2] فاستقسمت بها: أضرهم أم لا؟ فخرج الذى أكره، فركبت فرسى – وعصيت الأزلام – تقربِّ بى، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم [3] وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسى فى الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم [1] أسلم بعد فتح مكة، وحسن إسلامه، له ترجمة فى: أسد الغابة 2/412 رقم 1955، والاستيعاب 2/581 رقم 916، وتجريد أسماء الصحابة 1/210، ومشاهير علماء الأمصار ص40 رقم 170، والإصابة 2/19 رقم 3122. [2] الزُّلَم، والزَّلَم، واحد الأزلام: وهى القداح التى كانت فى الجاهلية عليها مكتوب الأمر والنهى، افعل ولا تفعل، كان الرجل منهم يضعها فى وعاء له، فإذا أراد سفراً أو زواجاً أو أمراً مهماً، أدخل يده فأخرج منها زلماً، فإن خرج الأمر مضى لشأنه، وإن خرج النهى كف عنه ولم يفعله، وهذا ما فعله سراقة إلا أن الزلم خرج بالنهى عن الإضرار بركب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه خالفها. ينظر النهاية 2/281. [3] وكانت تلك القراءة منه صلى الله عليه وسلم الدعاء بقوله "اللهم اكفناه بما شئت" كما جاء فى رواية البيهقى فى دلائل النبوة 2/484، وفى رواية قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم أصرعه" كما جاء فى حديث أنس عند البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبى صلى الله عليه وسلم 7/293، 294 رقم 3911.