ثقيف، غائبا خلال ذلك في اليمن حيث راح يتمرّس بفنّ القتال.
حتى إذا رجع من رحلته هذه شخص إلى المدينة مباشرة. وكان قد تعرّف قبل ذلك إلى فضائل الاسلام، وكان قد اجتمع إلى الرسول أيضا بمناسبة صلح الحديبية [إذ كان أحد الذين تفاوضوا وإياه عن قريش في ذلك الصلح] . ولدن وصوله إلى المدينة اعتنق الاسلام، وأمسى كل همّه منذ ذلك الحين أن يرى بني قومه ينعمون ببركات الدين الجديد. وحاول الرسول ان يثنيه عن محاولة دعوتهم إلى الدين الذي دخل هو فيه، ذلك بأنه كان قد خبر، شخصيا، تعصّب ثقيف وضراوتها. ولكن عروة كان واثقا، أكثر مما ينبغي، من سلطانه على قومه. لقد أكد للرسول انه يتمتع فيهم باحترام عظيم جدا [قائلا: «يا رسول الله، أنا أحبّ اليهم من أبصارهم» ] ومن ثم فلن يصيبه منهم أيما أذى. وشخص عروة إلى الطائف فجمع قومه ودعاهم إلى الاسلام. وحين ارتفع الضحى قام [على علّيّة له] ينادي للصلاة، فحاصر بعض الرعناء بيته وأمطروه بالنبال حتى صرع.
وأفضى ذلك إلى وقوع مناوشة بين ثقيف، وهوازن التي كانت قد انضوت الآن تحت راية الاسلام. وأخيرا، وبعد أن رأى الثقفيّون إلى الاسلام وقد ساد في كل حدب وصوب، وبدت المعارضة عبثا لا طائل تحته، قرّروا الدخول في دين الله. وألّف وفد من ستة زعماء ونحو عشرين عضوا آخرين لزيارة المدينة. ولم يطلب الرسول منهم ولو توضيحا لمصرع عروة. وأبدوا رغبتهم في اعتناق الاسلام ولكنهم طلبوا إلى الرسول ان يدع لهم صنمهم اللات ثلاث سنين لا يهدمها لأن الجهلة والنساء لن يرتاحوا إلى ذلك. ولكن الرسول رفض مطلبهم هذا. وأخيرا سألوه ان يدعها لهم شهرا واحدا. ولكن كيف يجتمع الاسلام والوثنية؟ وهكذا بعث الرسول بالمغيرة [بن شعبة] ليقوم